سياسة وعلاقات دولية
أكاديمية المملكة تسدل الستار على ندوة “المدينة في العالم الإسلامي”
اختتمت النّدوة الدولية حول “المدينة في العالم الإسلامي” فعالياتها بسرد أهمّ خلاصات ورشاتها، والتّذكير بالضّوابط العلمية لنشر البحوث المناقشة في مجلة “هيسبريس – تمودا”، التي من المرتقب أن تتمّ سنتها المائة العام المقبل.
وعلى مدار ثلاثة أيّام، جمعت هذه الندوة التي نظّمتها أكاديمية المملكة المغربية، بتعاون مع مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط “هيسبريس – تمودا”، أكاديميين من مختلف أنحاء العالم، ومن تخصّصات متعدّدة، لمشاركة مختلف وجهات النّظر المتخصّصة التي تقارب موضوع “المدينة الإسلامية”.
محمد مزين، مؤرخ عميد سابق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بكلية الآداب بفاس، منسّق هذا الملفّ بالمجلّة، وصف الأيام الثلاثة للنّدوة بـ”الماراتون البحثي والمعرفي”، الذي ناقش المقاربات المحتملة لفهم هوية المدينة الإسلامية، وإشكالات الحفاظ عليها، وقدّم فيه الباحثون انطلاقا من تخصّصاتهم رؤيتهم لهذه المدينة، سواء كانوا علماء، أو باحثين، أو باحثين شبابا.
وفي تقديمه لأهمّ الأفكار التي نوقشت في ورشات “تاريخ المدينة في العالم الإسلامي”، تحدّث محمد الشريف عن تكرّر سؤال علاقة السلطة بالمدينة في معظم الكلمات المُقدَّمَة، كما أحال على ورقة بحثية “تبعد عن كليشيهات أن سياسات العثمانيين كانت متسامحة”، وتبيّن كيف قاموا بتطهير داخل الساكنة المسيحية لإسطنبول لاستبدالها بساكنة مسلمة.
وفي خلاصته العامّة شدّد المتحدّث على ضرورة الجمع بين “مقاربة التاريخ المبنية على الوثائق، ومقاربة الجغرافي والأركيولوجي”، مثيرا الحاجة إلى العمل في مقاربة إشكالات مثل “المدينة الإسلامية” بالجمع بين التخصّصات.
كما تحدّث باتريس كروسيي، مقرّر ورشة الأركيولوجيا، عن النّقاش المثمر الذي نتج عن طرح مواضيع جعلت الأدارسة في قلب الاهتمام، وقاربت المدينة الإسلامية في المغرب، وسؤال الماء في سجلماسة، والشبكات التجارية الطويلة والتبادلات في علاقتها بإشكال الندوة، مع تتبّع تحوّلات وليلي وسبتة، ومسار الأسلمة الدينية والثقافية أو الأسلمة الحضارية.
بدوره قال محمد بريان، مقرّر ورشة “الجغرافيا والتّعمير والاقتصاد والهندسة المعمارية”، إنّ هذه الورشة ناقشت “المدينة المعاصرة”، وتحدّث فيها متخصّصون من سبع دول، ذهب بعضهم إلى أنّه “ليست هناك مدينة إسلامية، بل مدن في العالم الإسلامي، لأن المدن نتيجة للمجتمع لا الدين”.
ومن بين خلاصات الورشة، يذكر بريان في كلمته أنّ المفارقة الرهيبة في بعض مشاريع تأهيل المدن أنّها لا تحتاج إلى الوسائل التقنية، بل إلى الاستماع والتبادل مع الساكنة، الذي يجعلها تطور معيشها اليومي، لا المشاريع الكبرى.
ويقول الجغرافي إنّ هناك “مدينة إسلامية” وداخلها مدينة عربية لها خصوصياتها، لكن المهم أنّ “هناك أنواعا مختلفة من مدن العالم الإسلامي، لأن كلا منها نشأت وتطوّرت في إطار معيّن وتفاعلت مع معطيات ثقافية وتاريخية ودينية”.
ويوضّح الأكاديمي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ “هذه المدن الإسلامية التي عاشت قرونا احتفظت بكلّ ما طبعها في القرون الماضية، إذ نجد اليوم مدنا عريقة ومازالت حية وتشتغل ولم تصر “مدنا متاحف”، بل لها نشاط وبها سكان وأنشطة اقتصادية، مع عرض إرث هذه القرون”، وهي المدن التي يرى أنّها “في تطور مستمر ومعقّد وسريع جدّا، خاصّة تحت تأثير العولمة، ما يدفعها إلى التطوّر والانفتاح في المستقبل”.