حققت الزراعة المغربية فائضاً بقيمة 111 بليون درهم (نحو 12 بليون دولار) خلال الموسم الأخير من 2016 – 2017، بفضل كثرة الأمطار وتنوع الإنتاج وجودة المحاصيل التي غطت معظم الحاجات الغذائية المحلية. وسمحت بتصدير منتجات غذائية وزراعية بقيمة 43 بليون درهم (نحو 4.6 بليون دولار)، في الأشهر العشرة الأولى من السنة.
وأفادت وثائق لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات وزعت خلال عرض موازنة 2018 أمام مجلس المستشارين، حصلت عليها «الحياة»، بأن نمو الناتج الداخلي الخام في القطاع الزراعي «زاد 14 في المئة هذه السنة، ومكّن من تحسين دخل حوالى 10 ملايين مزارع وقروي، إذ ارتفع دخلهم 68 في المئة.
وأنتج المغرب 9.6 مليون طن من الحبوب الرئيسة وهو من أفضل المواسم الزراعية في السنوات الأخيرة، إذ بلغ إنتاج الهكتار الواحد 1.8 طن من القمح، ووصل إنتاج الفول والعدس والفاصوليا ومشتقاتها إلى نحو 258 ألف طن. وتمثل الفلاحة 13 في المئة من الناتج الإجمالي.
وأكد وزير الزراعة والصيد البحري عزيز اخنوش في تصريح إلى «الحياة»، أن المغرب «بات يحظى بمكانة متميزة بين الدول الزراعية الكبرى على الصعيد العالمي، بفضل برامج مخطط المغرب الأخضر الذي انطلق عام 2008».
وقال: «يُعتبر المغرب حالياً المصدّر الأول للمنتجات الغذائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وللمواد الغذائية في القارة الأفريقية». ومكّن «المغرب الأخضر» من تشجيع الاستثمار الخاص في القطاع الزراعي وتنويع الإنتاج وتحسين البذور وتقليص مساحات الحبوب المكلِفة للماء، والتعامل العاقل مع ضعف مصادر المياه والتقلبات المناخية وصحة المواشي.
وحصل المغرب خلال قمة «كوب 23» في ألمانيا على جائزة أفـــضل بلد في التعامل الاستباقي مع الاحتباس الحراري، ويستعد حالياً لدخول تجربة تحلية مياه البحر لأغراض زراعية خصوصاً في منطقة سوس جنوب أغادير، التي تُعدّ أكبر خزان للإنتاج الزراعي في أفريقــــيا والعالم العربي، والتي تتعرض لاستغلال مفـــرط في المياه الجوفية ونقص في كميات الأمطار.
وقُدرت قيمة الاستثمارات الزراعية في مخطط «المغرب الأخضر» بنحو 13.4 بليون درهم (1.5 بليون دولار) هذه السنة، لتحسين الإنتاج وتنويعه وتحديث الزراعة واعتماد أنظمة الري المحورية. وكانت لا تتجاوز قيمة تلك الاستثمارات 7 بلايين درهم عند انطلاق المخطط قبل تسع سنوات، ما سمح بانتقال الزراعة المغربية من ممارسة تقليدية وأحياناً بدائية إلى زراعة عصرية وصناعة غذائية، تعتمد التقنية والتكنولوجيا والبحث العلمي والأقمار الصناعية، مكّنت الرباط من أن تكون المزوّد الأول للاتحاد الأوروبي وروسيا من المنتجات الغذائية. وزادت صادرات المغرب الغذائية إلى العالم بنسبة 34 في المئة.
وأشارت إحصاءات حول برنامج «اليوتيس» البحري، إلى أن حجم الإنتاج المغربي من صيد الأسماك «تخطى مليون طن العام الماضي، ما يمثل نحو 4 في المئة من الإنتاج العالمي، وتعمل نحو 120 باخرة صــــيد أوروبية في المياه الإقليمية المغربية على طول 3500 كيلومتر من السواحل.
كما رخصت الرباط لسفن غير أوروبية من روسيا واليابان وكوريا الجنوبية، للصيد في مياه المملكة في المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.
وأكدت مصادر أن «الرباط تراقب عمل تلك السفن ومدى احترامها قوانين الصيد وحماية المخزون السمكي والطبيعة، بالاعتماد على صور الأقمار الاصطناعية. وكان المغرب أطلق قبل أسابيع قمراً اصطناعياً جديداً يسمى «محمد السادس أف» من قاعدة «غويان» الفرنسية.
ملامح جفاف
لكن الزراعة المغربية وبكل نجاحها المحلي والدولي، تظل مهددة بمضاعفات الاحتباس الحراري بسبب وجوده في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي قد ترتفع فيها درجة حرارة الأرض وينخفض فيها حجم التساقطات المطرية خلال السنوات والعقود المقبلة، وهو تحدٍ كبير للقطاع الزراعي ولحياة عشرة ملايين مزارع، والمصدر الثاني للعملة بعد الصادرات الصناعية وقبل الفوسفات السياحة والتحويلات الخارجية.
وساهم الإنتاج الزراعي الجيّد في رفع النمو الاقتصادي إلى 4.5 في المئة هذه السنة، وكان النمو تراجع إلى 1.2 العام الماضي بسبب الجفاف، وربما لا تتجاوز نسبة النمو 3 في المئة العام المقبل، بسبب تأخر موسم الأمطار.