ثقافة وادب وفنونسلايد 1
موريتانيا: إطلاق سابع مهرجان سنوي للمدن القديمة في عمق الصحراء
أعلن من مدينة تيشيت (أقصى الشمال الموريتاني) إنطلاق سياسة جديدة للاهتمام بالمدن التاريخية الموريتانية وانتشالها من الإهمال وإيلائها ما تستحقه من عناية بوصفها الشاهد على عراقة موريتانيا وأصالتها العربية والإسلامية.
جاء خلال افتتاح رسمي الجمعة للمهرجان السنوي السابع للمدن القديمة بمدينة تيشيت التاريخية الموريتانية الذي يشمل فعاليات ثقافية وفنية وندوات تاريخية ومعارض للتراث.
وأطلق الرئيس الموريتاني بهذه المناسبة البث الرسمي لقناة الثقافة التابعة لقناة «الموريتانية» العمومية التي سيكون من ضمن مهامها التعريف بالمدن الموريتانية القديمة المندثرة والقائمة، وبما تزخر به من تراث عربي إسلامي وافريقي.
وأكد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في كلمة افتتح بها هذا المهرجان الكبير «أن إطلاق مهرجان المدن القديمة من مدينة تيشيت، التي ظلت مصدر إشعاع حضاري ومنارة علمية سامقة والمعبرة في عمرانها وثقافتها عن أصالتنا، يجعل هذه المدينة العريقة عاصمة للثقافة الوطنية لهذا العام ومصدر إلهام للعبقرية الموريتانية».
«فهذه المدن، يضيف الرئيس الموريتاني، مثلت عبر التاريخ، مناطق جذب للعلماء والطلاب ومراكز إشعاع للعلوم الإسلامية والمعارف الإنسانية التي حملها علماؤنا الأجلاء جنوب الصحراء وشمالها وعرفت ساكنتها على مر العصور بالتمسك بتعاليم ديننا الحنيف، دين الوسطية والاعتدال».
وضمت معارض المهرجان أجنحة للكتب والمخطوطات والمصنوعات التقليدية الموريتانية بمختلف أنواعها ومنتوج التعاونيات الزراعية ومنتوجات النخيل.
ونظم المشرفون على تراث المدن القديمة الأربع وهي شنقيط، وودان، وتيشيت وولاتة المصنفة تراثا بشريا من طرف منظمة اليونيسكو، معارض خاصة بكل مدينة ضمن المهرجان الحالي.
وأظهرت المعارض بما ضمته من قطع تراثية أن هذه المدن شكلت عبر تاريخ موريتانيا بؤر تلاق وتمازج بشري ومراكز تبادل تجاري ومنارات إشعاع علمي وفكري. كما تعاضدت جهود المشرفين على المدن الأربع في تنظيم قرية ثقافية جميلة زاخرة بالمنتوج الثقافي الوطني.
وشملت المعارض كذلك معرض تعاونية «آمرسال» لاستغلال سباخ الملح، ومعرض تعاونية استغلال الحجارة المصنعة في تيشيت.
وظلت مدينة تيشيت التي تحتضن النسخة السابعة من المهرجان، واسطة عقد المدن الموريتانية القديمة المصنفة تراثا عالميا، حيث كانت تؤمها قوافل التجارة قادمة من الجنوب الشرقي تحمل خيرات افريقيا السمراء، وتؤمها قوافل من افريقيا الشمالية في منطقة المغرب العربي في حركة نشطة على ظهور العيس أيام كانت الإبل سفنا تمخر عباب الصحراء .
وتعتبر مدينة «تيشيت» أثرى المدن الموريتانية القديمة بنفائس المخطوطات بحكم توسطها طريق القوافل وعرفت بعلمائها وأدبائها عبر العصور وأكثر من ذلك بصناعاتها.
وتضم مدينة «تيشيت» مكتبات تزخر بالمخطوطات والمصنفات التي تظهر أن اهتمام علماء موريتانيا لم يكن مقصورا على العلوم الشرعية واللغوية والإنسانية فحست، وإنما تجاوز ذلك إلى علوم الفلك وعلم الأنواء والحساب والهندسة والطب والبيطرة وغيرها من علوم الطبيعة.
ويتضمن برنامج المهرجان السابع للمدن القديمة، محاضرات عديدة ستتناول بالتعريف والنقاش الكيانات السياسية كالممالك والإمبراطوريات التي قامت على أديم أرض موريتانيا عبر مسيرتها التاريخية، والتي شكلت المدن القديمة المندثرة حواضر ملكها ومراكز نفوذها.
وتشمل أيضا إظهار المكانة التي حظي بها الفضاء الوطني الموريتاني لحقب طوال من الزمن كإطار لتحولات اقتصادية واجتماعية، مع إبراز الدور المحوري الذي لعبه في تحديد ملامح السيرورة التاريخية للمنطقة الساحلية الصحراوية.
وستتناول ندوات المهرجان الفكرية إظهار الضرورة القصوى والملحة لتطوير المدن الموريتانية القديمة الأربع وعصرنتها والنهوض بها على الصعد كافة عن طريق تأهيل وتثمين وتوظيف ما تتوفر عليه من تراث علمي ومعماري وفني وأثري، ومن مهارات متأصلة في المجالات الحرفية والفلكلورية، والتي تنم عن عبقرية حقيقية تمكن رسملتها وتحويلها إلى موارد ذات مردودية كبرى ورافعات اقتصادية معتبرة.
وتضم موريتانيا مدنا قديمة تاريخية مندثرة هي «أوداغوست» المؤسسة خلال القرن الثالث الميلادي، و«كومبي صالح» المؤسسة في القرن الثامن و«آبير» المؤسسة أيضا في القرن الثامن، و«آزوكي» من القرن الحادي عشر.
كما تضم مدنا قديمة قائمة هي «ودان» و«تيشيت» المبنية سنة 1149 هجرية و«ولاتة» سنة 1203م و« شنقيط» سنة 1226م.