تفاجأ المغاربة، مع بداية الأسبوع الجاري، بارتفاع كبير في أسعار زيوت المائدة وصفه البعض بـ”الصاروخي”، حيث وصلت الزيادة في سعر قارورة من سعة خمسة لترات إلى عشرة دراهم دفعة واحدة؛ ما أجج دعوات، على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى مقاطعة هذا المنتوج.
وتطرح الزيادة الجديدة في أسعار زيوت المائدة إشكالية كيفية التوفيق بين مبدأ حرية الأسعار والمنافسة، الذي يكفله القانون المنظم للسوق، من جهة، وبين حماية جيوب المستهلكين، من جهة ثانية، خاصة أنّ فئات عريضة من المواطنين يعانون من هشاشة القدرة الشرائية.
وإلى حد الآن، لا يجد المستهلك المغربي أمامه من وسيلة للردّ على ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية غير خيار “المقاطعة”، حيث شهد المغرب سنة 2018 مقاطعة واسعة شملت منتجات ثلاث شركات، وحاليا هناك توجّه لسلك الطريق ذاته، وفق المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل إرغام الشركات المصنّعة لزيوت المائدة على إعادة الأسعار إلى ما كانت عليه.
القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة يفتح المجال أمام المصنّعين لتحديد أسعار السلع والمنتوجات والخدمات عن طريق المنافسة الحرة، حسب ما تنص عليه المادة الثانية من القانون نفسه؛ لكنه ترك الباب مفتوحا أمام تدخل الإدارة ضد “ارتقاع أو انخفاض فاحش في الأسعار”.
تدخُّل الإدارة لضبط الأسعار ربطه القانون المنظم لهذا القطاع بحدوث ارتفاع أو انخفاض فاحش “تُعلله ظروف استثنائية أو كارثة عامة أو وضعية غير عادية بشكل واضح في السوق بقطاع معين”؛ غير أنّ التدابير التي يمكن أن تتخذها الإدارة في هذه الحالة لا يجوز أن تزيد مدة تطبيقها على ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة.
ويطرح هذا المقتضى المنصوص عليه في القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة سؤال إمكانية تدخل الدولة في حال ارتفعت الأسعار بشكل كبير في الظروف العادية، مثل الزيادات التي عرفتها أسعار زيوت المائدة هذا الأسبوع. كما أن هذا المقتضى يسائل مفهوم ارتفاع الأسعار بشكل “فاحش”، والذي لم يتمّ تحديده.
حسن الشطيبي، رئيس جمعية حماية المستهلك بالصخيرات تمارة، قال إنّ الجهة التي يجب أن تُجيب عن السؤال المتعلق بإمكانية تدخل الدولة لضبط الأسعار هي مجلس المنافسة؛ غيرَ أنّ مصدرا مسؤولا بالمجلس قال إنّ المؤسسة “لا يمكنها أن تعلق على الموضوع الآن”.
وقال الشطيبي، إنّ الزيادات الأخيرة في أسعار زيوت المائدة “نزلت على المستهلكين كالصاعقة”، مضيفا أنّ المغاربة ليسوا على استعداد لتلقي مثل هذه الخطوات، خاصة أنّ فئات عريضة منهم يعانون من ضعف القدرة الشرائية وتفاقم المشاكل المادية جراء أزمة “كورونا”.
وأكد المتحدث ذاته أنّ “الذي كان منتظرا من المنتجين هو أن يراعوا الوضعية الحالية، التي تقتضي استمرار التضامن في المجتمع”، ذاهبا إلى القول إنّ “الزيادة في الأسعار أمر غير صحّي ولا يبشر بخير”، وفق تعبيره.
وجوابا عن سؤال بخصوص احتمال لجوء المغاربة إلى “مقاطعة جديدة”، قال الشطيبي: “المقاطعة يجب أن تكون منظمة وليست عشوائية، وينبغي أن تكون خلفها جهة معروفة، وأن يُحدَّد سقف مطالبها؛ لأنّ المقاطعة العشوائية لا تخدم الاقتصاد الوطني ولا الصناعة”.
المصدر: هسبريس