يعتزم البنك المركزي التونسي طرح سندات بالسوق المالية الدولية بحد أقصى مليار دولار، لتغطية نفقات بميزانية الدولة وتمويل مشاريع التنمية المبرمجة خلال السنة الحالية، ولكي تتمكن البلاد من سداد مستحقات خارجية عليها خلال العام الحالي.
ويهدف هذا القرض، وفق الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي، إلى «تعبئة موارد خارجية أكيدة خلال سنة 2018 باعتبارها سنة محورية في استخلاص عدد من ديون تونس الخارجية».
ووافق البرلمان التونسي في نهاية الشهر الماضي على السماح بخطة «المركزي» التونسي لطرح السندات، وفق ما أعلنته وكالة الأنباء الرسمية بالبلاد قبل أيام.
وكانت تونس أعلنت سابقاً عن حاجتها لقروض بقيمة 3 مليارات دولار لتمويل موازنة 2018. وتأمل البلاد في تخفيض هذا الموازنة هذا العام إلى 4.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 6 في المائة، كما تتطلع لتوليد نمو اقتصادي بنسبة 3 في المائة مقابل 2.3 في المائة خلال الفترة نفسها.
وأكد رضا شلغوم، وزير المالية التونسية، على أهمية هذا القرض وحيويته بالنسبة للاقتصاد التونسي، ولنوايا الاستثمار الحكومي والخاص، وتحقيق النمو الاقتصادي.
وحصلت تونس منذ سنة 1994 على نحو 27 قرضاً في صورة سندات من السوق المالية الدولية بعملات أجنبية، من بينها الين الياباني واليورو الأوروبي والدولار الأميركي، وكان بعضها بضمانات أميركية نتيجة تراجع تصنيف الاقتصاد التونسي على المستوى الدولي من قبل عدد من وكالات التصنيف.
وفي هذا الشأن، قال سعد بومخلة الخبير الاقتصادي التونسي، إن الاقتصاد التونسي في حاجة لدماء جديدة على حد تعبيره، لتحقيق الانتقال الاقتصادي المنشود. ونتيجة لاستكماله عدداً من فرص التمويل الخارجي، وتلكؤ عدد من مؤسسات التمويل الدولية في منح تونس قروضاً إضافية على غرار صندوق النقد الدولي، وضعف الإمكانات الذاتية ومصادر التمويل الداخلي، لم يبق أمام السلطات التونسية إلا الخروج إلى السوق الدولية، ولو كان ذلك بنسب فائدة عالية. واعتبر بومخلة أن هذا التوجه ضروري للإيفاء بالتزامات الدولة، على حد قوله.
وتعاني تونس من شح موارد النقد الأجنبي، حيث تراجعت احتياطات النقد الأجنبي في يناير (كانون الثاني) إلى أقل مستوياتها منذ 15 عاماً، لتصبح الحصيلة الاحتياطية من العملات الصعبة عند مستوى أقل من الحد الذي يغطي ثلاثة أشهر من الواردات.
وتواجه البلاد تفاقم العجز التجاري، الذي مثل ضغوطاً قوية على مواردها من العملة الصعبة. وبحسب بيانات المركزي فقد ارتفع العجز التجاري للبلاد إلى 15.5 مليار دينار في نهاية 2017، وهو مستوى قياسي في تاريخ المؤشر.
وترتبط تونس باتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي أبرمته في 2016 بقيمة 2.8 مليار دولار، لدعم الإصلاحات الاقتصادية في البلاد. وفي أبريل (نيسان) الماضي وافق الصندوق على إرسال شريحة متأخرة من هذا القرض، بقيمة 320 مليون دولار، بشرط زيادة عائدات الدولة منالضرائب وتقليص فاتورة الأجور الحكومية وتخفيض دعم الوقود.
على صعيد آخر، عبر وفد لرجال الأعمال الصيني خلال زيارته إلى تونس عن استعداده لضخ تمويلات هامة لفائدة الاقتصاد التونسي. والتقى هذا الوفد أمس بمبروك كرشيد، الوزير التونسي لأملاك الدّولة والشؤون العقارية.
وضم الوفد ممثلي مجموعة من الشركات العالمية تدعمها الحكومة الصينية، وبحث الطرفان آليات التمويل والاستثمار في عدد من كبرى مشاريع التنمية في الجنوب الشرقي التونسي.
وعرضت الحكومة على المستثمرين الصينيين مجموعة من المشاريع الحكومية على غرار مشروع جسر بين منطقتي الجرف وأجيم يمتد على طول 2.5 كلم، وقطب تكنولوجي في الجنوب على مساحة 40 هكتاراً، ومشروع سكة حديدية تربط بين قابس ومدنين على طول 75 كلم تقريباً، ومشروع منطقة لوجيستية وتجارية بمدينة بن قردان على مساحة 120 هكتاراً، علاوة على مشروع القطب الاقتصادي بمدينة جرجيس الممتدّ على مساحة ألف هكتار.
وأكد الوزير التونسي حرص الحكومة التونسية على دعم التعاون التونسي الصيني وإرساء مقومات متينة لشراكة استراتيجية تعود بالمنفعة على البلدين.
وفي المقابل أكد الوفد الصيني على الانطباعات الإيجابية لزيارته الميدانية إلى الجنوب التونسي، وأعرب عن استعداده الجادّ لدراسة إمكانات الاستثمار بتمويلات ضخمة على غرار ما تمّ في بلدان أفريقية أخرى.