جغرافياسياسة وعلاقات دولية
بالمغرب، الانقسام الحزبي الذي أتاح تعيين جطو وزيرا أول
توقف اليوسفي في مذكراته عند حدث تعيين إدريس جطو وزيرا أول سنة 2002، وأكد ما هو معروف بخصوص “الخروج عن المنهجية الديمقراطية”، وفي هذا الصدد يقول: “استقبلني جلالته (الملك محمد السادس) وأثنى على المجهودات التي بذلتها خلال الفترة الزمنية التي قضيتها على رأس الوزارة الأولى»، وأضاف على لسان الملك “وفي العديد من المرات عبرت عن رغبتك في إعفائك من هذه المسؤولية، نظرا لظروفك الصحية، وقد قررت تعيين إدريس جطو على رأس الوزارة الأولى».
ردّ اليوسفي على الملك بأن عبّر له أن الدستور (1996) يمنحه حق تعيين من يشاء كوزير أول، وأردف قائلا: “ولكن المنهجية الديمقراطية تقضي بتعيين الوزير الأول من الحزب الذي احتل المرتبة الأولى في عدد المقاعد البرلمانية”.
بيد أن اليوسفي لم يتوقف طويلا عند خلفيات الصراعات الحزبية التي أتاحت الفرصة للقصر لكي يعيّن تكنوقراطيا وزيرا أول، بدل وزير حزبي طبقا لنتائج انتخابات 2002.
ذلك أنه عقب الإعلان عن نتائج انتخابات 2002، التي اعطت الاتحاد الاشتراكي المرتبة الأولى، قد بوأت حزب الاستقلال المرتبة الثانية بفارق بسيط، بعدما كان هذا الأخير قد حلّ في المرتبة الخامسة في انتخابات 1997 واعتبرها عقابا له لأن أمينه العام حينها امحمد بوستة رفض إدريس البصري، وزير الداخلية القوي في عهد الحسن الثاني، عضوا في حكومة التناوب الأولى التي لم تر النور.
وبدل أن يتوافق الاثنان على تشكيل أغلبية حكومية عقب تلك الانتخابات، فوجئ الرأي العام باجتماع ثنائي بين حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الأحرار، اللذين أصدرا على إثره بيانا بتاريخ 5 أكتوبر 2002، والذي تضمن إشارات حول رغبتهما المشتركة في تشكيل حكومة منسجمة، هذه الخطوة اعتبرها البعض بأنها كانت موجّهة ضد مناورات خفية لحزب الاستقلال، الذي سيدعو إلى اجتماع رباعي بتاريخ 7 أكتوبر 2002 ضم، بالإضافة إلى حزب الاستقلال، كلا من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة الشعبية (امحند العنصر) وحزب الحركة الوطنية الشعبية (المحجوبي أحرضان)، حيث صدر عنه بيان يؤكد أنه باستطاعتهم تشكيل أغلبية حكومية كذلك، وهو الصراع الذي جاء في سياقه تعيين إدريس جطو وزيرا أول بدل اليوسفي أو عباس الفاسي بتاريخ 9 أكتوبر 2002، عقب مجلس وزاري في مراكش.
وإذا كان الاتحاد الاشتراكي هو من بادر إلى التكتل مع حزب الأحرار، ما دفع حزب الاستقلال إلى البحث عن تكتل مضاد، فقد كان يفترض أن يتحدث اليوسفي عن سياق ذلك الانقسام وخلفياته ومن وقف وراءه، وهل هو حقيقي أم كان مجرد غطاء لتبرير الخروج المنهجية الديمقراطية التي كانت تقتضيها نتائج انتخابات 2002.