نبه صندوق النقد الدولي في آخر تقرير صادر عنه حول الوضع الماكرو ــ اقتصادي للمغرب، إلى أن التأخر في تنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية الرئيسة، قد يؤدي إلى تقليص الحيز المالي في المستقبل، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في زيادة التوترات الاجتماعية، التي تؤثر سلبا على القطاع الخارجي، كما هو الشأن بالنسبة إلى السياحة، وفي هذا الصدد قال خبراء الصندوق إن سياسة مرونة سعر الصرف يمكن أن تؤدي إلى ضغوط على السوق، مع احتمال إضعاف الحسابات الخارجية.
واعتبر التقرير أن التضخم مازال في مستوى منخفض ومتحكم فيه بشكل جيد، متوقعا أن ينخفض العجز المالي إلى 3.5 في المائة، وأن يستمر في التراجع بشكل معتدل. واعتبر خبراء الصندوق أن الاحتياطي الدولي من العملة الصعبة يوجد في مستوى مريح كما تحسن خلق فرص العمل، لكن التوترات الاجتماعية زادت في عام 2017، معتبرا أنه مازال هناك الكثير الذي يتعين القيام به للحد من البطالة الهيكلية، خاصة في صفوف الشباب.
وأضاف التقرير أن تبعية المغرب لأوروبا ترفع من حدة المخاطر الخارجية، معتبرا أن من شأن النمو الضعيف في منطقة الأورو أن يؤدي إلى إبطاء النشاط الاقتصادي من خلال انخفاض الصادرات والسياحة، وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، والتحويلات المالية، وتفاقم الاختلالات المالية والخارجية. أما على مستوى المخاطر الجيوسياسية، فقد ركز التقرير على ارتفاع محتمل لأسعار النفط، وهو ما قد يضعف النشاط السياحي، ويضعف ثقة المستثمرين.
وعلى صعيد متصل، توقع الصندوق أن النمو الاقتصادي في المغرب سيشهد تباطؤا في 2018 ليحقق نسبة أدنى من العام الماضي، مشيرا إلى أن معدل النمو لن يتعدى 3.1 في المائة بعدما تعافى خلال العام الماضي، حيث وصل إلى 4.4 في المائة، على الرغم من أن النشاط غير الزراعي لايزال ضعيفا.
هذا، ومن المتوقع أن يتباطأ النمو في عام 2018 بسبب التأثير السلبي للموسم الزراعي، الذي نما بشكل كبير في عام 2017، ما مكن من الوصول إلى 4.5 في المائة على المدى المتوسط.
وتوقع التقرير أن يرتفع التضخم إلى 1.3 في المائة في 2018، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث سيستقر التضخم في حدود 2 في المائة على المدى المتوسط. من جهة أخرى توقع التقرير أن ينخفض العجز المالي الإجمالي إلى 3 في المائة من الناتج المحلي الداخلي في عام 2018، وأن يستقر عند حوالي 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في المدى المتوسط، بما يتفق مع هدف السلطات تخفيض الدين العام إلى 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بحلول عام 2021.
واعتبر التقرير أنه المتوقع أن ينخفض عجز الحساب الجاري إلى 3.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2018، وإلى حوالي 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط، مدفوعا في المقام الأول بالنمو المستدام للصادرات (خاصة في قطاع صناعات الطيران والسيارات)، ومداخيل السياحة و تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، والتي من شأنها تعويض انخفاض الهبات الرسمية (معظمها من دول مجلس التعاون الخليجي).
ومع استمرار وتيرة النمو الاقتصادي للبلاد وتنويعه، توقع الصندوق أن يصل الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 2.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط، كما توقع أن تزداد الاحتياطيات من العملة الصعبة بشكل مطرد.
وأضاف الصندوق أن آفاق اقتصاد المغرب، على المدى المتوسط، لاتزال مواتية، حيث من المتوقع أن يبلغ النمو 4.5 في المائة بحلول عام 2021. ومع ذلك، لاتزال المخاطر مرتفعة، وترتبط بشكل رئيس بالنمو في البلدان المتقدمة وبعض الدول السائرة في طريق النمو، والتوترات الجيوسياسية في المنطقة، وأسعار الطاقة العالمية، والسوق المالية العالمية.