سياسة وعلاقات دولية
دراسة: حملة المقاطعة ساهمت في خلق ديمقراطية إلكترونية في المغرب
هل أطلقت حملة المقاطعة حقبة ديمقراطية إلكترونية في المغرب؟ ذلك ما طرحته دراسة حديثة لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى. فبعد الدور الكبير الذي اطلعت به وسائل التواصل الاجتماعي في انطلاق شرارة الربيع العربي خلال سنة 2011، أظهرت حملة المقاطعة الأخيرة لثلاث شركات في المغرب، أن الثورة الرقمية ثورة حقيقية وسلمية، أدت إلى تحقيق نتائج فعالة، “ساهمت بدون شك وبشكل غير مباشر في إعطاء انطلاقة للديمقراطية الإلكترونية في المغرب”.
الدراسة أبرزت أن المغاربة رحبوا بالإصلاحات التي جاء بها دستور 2011، على اعتبار أنها بداية محتملة للديمقراطية المنشودة، بيد أنهم أصيبوا بخيبة أمل بعد الفشل الحكومي في ترجمة الإصلاحات المعلنة، وسوء استغلال السياسيين للمكاسب وللصلاحيات التي تخولها لهم مناصبهم، ما دفع بفئة واسعة من الشعب المغربي إلى السعي لانتزاع الديمقراطية بأيديهم عبر اللجوء إلى التعبئة من خلال الشبكة العنكبوتية التي غيرت طريقة حياة المجتمع المغربي.
بعد انطلاقها في أبريل من السنة الجارية، نجحت المقاطعة في إلحاق أضرار اقتصادية كبيرة بثلاث علامات تجارية نافذة في البلاد، “تحقق أرباحا كبيرة على حساب المستهلك المغربي”، منها “سنطرال” لتوزيع منتجات الحليب التي تملكها الشركة الصناعية الفرنسية “دانون”، مع استهداف الحملة بشكل مباشر أيضا لرجال الأعمال والرموز السياسية في البلاد عبر مقاطعة علامتي “سيدي علي” و”ولماس” المالكة للرئيسة السابقة لاتحاد مقاولات المغرب مريم بنصالح شقرون، ومحطة “أفريقيا” لتوزيع الوقود، المالكة لعزيز أخنوش، الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، هذا الأخير، حسب الدراسة، تأثر الخيرالأسياسيا بعدما كان يتم إعداده لتولي رئاسة الحكومة خلال سنة 2021.
الدراسة استعرضت جملة من الأسباب التي أطلقت شرارة المقاطعة، أبرزها احتجاجات الريف وجرادة، و”القمع” الذي تعرضت له عبر سجن قادتها بتهم “العصيان والخيانة”، لكنهم أصبحوا أبطالا بالنسبة لغالبية الشعب المغربي، ما أفرز حركة على مواقع التواصل الاجتماعي تعبر عن الاستياء إزاء ما حصل وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين والسجناء، قبل أن يتم اللجوء في الأخير إلى حملة المقاطعة الإلكترونية. التحول إلى العالم الافتراضي كملاذ للمطالبة بالحقوق الاجتماعية ووسيلة للضغط على النخب السياسية والاقتصادية، يجد تفسيره أيضا، بحسب الدراسة، في فشل الإسلاميين بعد توليهم السلطة في تحقيق “الوعود الانتخابية المبالغ فيها”، بعد ارتفاع نسب البطالة في صفوف الشباب واستشراء الفساد.
علاوة على الضغوط الاقتصادية التي مورست على 90 في المائة من الشعب المغربي بسبب التدهور الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة، نتيجة سياسات اقتصادية ألغت الطبقة المتوسطة في البلاد، وخلقت هوة بين الطبقة الفقيرة وطبقة النخبة التي لا تتعدى 10 في المائة من السكان، هؤلاء يعيشون بشكل منفصل تماما عن معظم المغاربة، و”يستفيدون من مزايا لا يستحقونها وأموال فاسدة مقنعة ولا يأبهون بالتحديات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد”. دراسة معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أشارت في الأخير إلى أن المقاطعة الإلكترونية في المغرب ستفرز ديمقراطية إلكترونية في البلاد، أضحت نموذجا للدول المجاورة كموريتانيا، ومن شأنها أن تساهم في خلق “الربيع الربي الثاني” في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.