جغرافيا

والد أخنوش وقصة اقتناء أول دكان لبيع «البترول الثقيل» في البيضاء

هو أحمد بن محمد بن إبراهيم، أخنوش. ورد أنه ولد سنة 1909، في قرية “أكرض أوضاض” من قبيلة “تافراوت” بجبال الأطلس الصغير، – إقليم تيزنيت – وترعرع داخل أسرة تسمى “آيت براييم”، نسبة إلى جد أقصى اسمه: إبراهيم بن إعزا أخنوش، أول من استقر من تلك العائلة في قرية “اكرض أوضاض”، قادما إليها منذ زمن بعيد من “أكادير أخنوش”، الذي تنسب إليه العائلة.

ولكن يرجح أن يكون من مواليد ما قبل تلك السنة، لأن اعتماد هذا التاريخ يفهم منه أن عمره لن يتجاوز 25 سنة في 1934، الذي هو تاريخ آخر المعارك الشهيرة في تاريخ المغرب بمعركة آيت عبدالله ضد الجيوش الفرنسية، والتي أورد المؤرخ محمد المختار السوسي، ما يفهم منه أن أحمد أخنوش قد يكون في عمر يؤهله لما أشار إليه هذا المؤرخ من زعامته لصناديد المقاومة من قبيلته “أملن”، إحدى القبائل الوازنة في الأطلس الصغير. وهذه الحقيقة المكتوبة شهادة لا تستقيم مع القول بأن الرجل ولد 1909.

علاوة على ذلك، نشير إلى أن مصادرنا الشفوية تؤكد أن سن أحمد أخنوش لا يقل كثيرا عن سن شريكه في التجارة والأعمال: الحاج أحمد واكريم. وقد تأكدنا في هذا الكتاب عند ترجمتنا للحاج واكريم ذاك، أنه ولد سنة 1897…

هناك تربية أسرية عادة ما يشرف عليها داخل كل أسرة كبيرها. وقد صادفت طفولة أحمد أخنوش جده الحاج أوبراهيم هو كبير أسرته. وسيتأكد فعلا من مسار حياة أحمد مدى تأثره بتربية جده ذاك. فمن هو هذا المربي؟

أجل كان الحاج إبراهيم من علماء عصره. متخرجا على يد كبار الأساتذة منذ أواخر القرن التاسع عشر من أمثال سيدي عمر الأكضيي التملي، والأستاذ محمد أوعابو (المعسول 9: 210)، الذي كان من كبار علماء سوس في القرن التاسع عشر إلى بدايات القرن العشرين.

في جميع الحالات، فإن الطفل أحمد أخنوش فتح عينيه على كبير أسرته يحب العلم، ويجل العلماء. ويحرص على اقتناء الكتب، إلى درجة نزل ذلك الجد بمدينة طنجة حتى اشترى كتبا كثيرة، في زمن السفر مشيا على الأقدام ضمن القوافل برا، أو بالبواخر بحرا…

رغم أننا لا نعرف العام الذي سافر خلاله الطفل أحمد أخنوش إلى الدارالبيضاء أول مرة. رغم ذلك، فإننا سنستأنس بالمشهور من القول بأن عادة سفر أطفال جيله يكون عند بلوغهم حوالي عشر سنوات. فنرجح أنه قد سافر في حوالي سنة 1914، إذا كانت ولادته في حدود 1904، أو يسافر حوالي سنة 1919 إذا تأكد أن ولادته تمت حوالي 1909…

إذًا، سافر أحمد أخنوش في زمن كانت مدينة الدارالبيضاء تبعد بحوالي 800 كلم عن مسقط رأسه في سوس. بالإضافة إلى هذا البعد كانت الدارالبيضاء لا تربطها بتلك الجهات طرق معبدة، ولا وسائل نقل حديثة..

سنفهم أن صاحب الترجمة سيبدأ سفره جريا على عادة سفارية تتجلى في تنسيق مسافري القرى المتقاربة مع غيرهم، فيحددون جميعا وقت الرحلة، ومكان انتظار كل مجموعة وصول القافلة إلى حيث ينتظرونها، لينضموا إليها…

لما سيصل أحمد أخنوش الدارالبيضاء قبل سنة 1919 سيجد فيها كثيرا من الرجال والأطفال السوسيين في مختلف المهن، وفي كل الأحياء. والأهم من ذلك أنه سيجد هناك أقرانه من أبناء قريته، بل ومن أفراد عائلته المشتغلين بالتجارة مثل بلقاسم، وكذلك علي ابن عمه الحاج عبدالله الراجي، وقريبه امحمد بلفقيه. وفي سنة 1925 كذلك، سيلتحق بالدارالبيضاء حسن الراجي ابن عمه. وحسن هذا هو الذي سيصير في كبره من كبار رجال التجارة والأعمال والمال في الدارالبيضاء، وأبناؤه هم أصحاب “أتاي سلطان”..

بديهي أن أحمد أخنوش مر بدوره من التدرج المعتاد عند أقرانه السوسيين، قصد التعرف على الدارالبيضاء، والاستئناس بمختلف جوانب الحياة فيها. ومن ذلك تدرجه في تعلم الحديث بالدارجة المغربية السائدة في مدينة حل بها أول مرة وهو يتكلم إلا الأمازيغية السوسية…

هكذا سيتهيأ الفتى لبدء عمله التجاري انطلاقا من فتح أول دكان صغير خاص ببيع “بترول ثقيل” يقتنيه من شركات أجنبية مثل “بريل” و”سوكوني فاكيو”، ثم يقوم بإعادة البيع بالتقسيط. (عزيز أخنوش).

بطموحه، وبحسه التجاري سيفتح الدكان الثاني، ثم الثالث… وهكذا إلى أن أصبح يملك سبعة دكاكين. كلف بكل دكان شخصا يسيره. وجعل لكل مسير مساعدا، وهكذا أصبح يشرف على مجموعة من المتاجر، وعلى طاقم بشري يسيرها.

إغلاق