سياسة وعلاقات دولية
لعسل: ميناء الداخلة يربط المغرب بكينيا قريبا.. وسفارة نيروبي الأسبوع المقبل بالرباط
قال سفير المملكة المغربية المعتمد لدى جمهوريتي كينيا وجنوب السودان، عبد الرزاق لعسل، إن “ميناء الداخلة الأطلسي سيكون، إلى جانب ميناء طنجة المتوسط، رابطا بحريا للمملكة مع دولة كينيا، مع قرب فتح خط جوي مباشر بين الدار البيضاء ونيروبي”.
وأضاف لعسل، في الحوار التالي الذي أجرته معه جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الموقف الكيني من قضية الصحراء المغربية عرف تحولا مهما، ويدعم التوجه المغربي المستند للقرارات الأممية والموقف الإفريقي الداعم للحكم الذاتي”.
وبين الديبلوماسي المغربي أن “هناك توجها عالميا لتصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية، وعلى المستوى الإفريقي أيضا حيث يتنامى الوعي بخطورة هذا التنظيم على شراكتنا مع دول العالم، وأيضا على اندماجنا”.
وأكد السفير المغربي أن “التمثيل الديبلوماسي الكيني بالمغرب سيرتفع في الأسبوع المقبل إلى مستوى سفارة”.
وهذا نص الحوار كاملا:
نبدأ أولا بسؤال حول مسار العلاقات الكينية المغربية، هل تعتقدون أن البلدين قد وضعا حاليا اللبنات الأساسية لبناء علاقة متينة؟
نعم، العلاقات الكينية المغربية في تصاعد مستمر تقريبا منذ سنتين من الآن، حيث يوجد تبادل في الزيارات الرسمية، ولقاءات بين المسؤولين، وفي الأسبوع القادم سيعرف البلدان وجود مشاورات سياسية في العاصمة الرباط، ما يعني أن العلاقات في تصاعد مستمر، ولنا اطمئنان بأن العلاقات ستصل إلى مستويات جد متقدمة مستقبلا.
كيف تقيمون التبادل الحالي على المستوى الاقتصادي؟
في الحقيقة التعاون الاقتصادي بين نيروبي والرباط ضئيل نوعا ما عما يجب أن يكون عليه، باعتبار أن المملكة المغربية كما نعلم لها اقتصاد جد قوي، وحضور وازن على المستوى الإفريقي، وكينيا هي أيضا من الدول القوية اقتصاديا، غير أن التبادل بين البلدين ما يزال قليلا، إذ نستورد من كينيا حاليا منتوجات متعلقة بالجبس، ونصدر إليها منتجات ثانوية أخرى، في حين يمكن أن يكون التبادل على أعلى المستويات، لكن العائق الوحيد حاليا هو عضوية نيروبي في “الكوميسا” بينما الرباط خارجها، ما ينتج عنه وجود ضرائب عالية للغاية، إضافة إلى أن الاقتصاد الكيني تضرر في فترة ما بعد “كوفيد-19” ويعيش حاليا على وقع الإصلاح.
نعلم أن المملكة متواجدة بقوة على مستوى غرب ووسط إفريقيا، هل تعتقدون أن الرباط تعول على كينيا من أجل تحقيق تواجد مماثل في الشرق؟
بطبيعة الحال؛ لأن البوابة الحقيقية لشرق إفريقيا هي كينيا، وهناك فعلا تواجد قوي للغاية للمغرب في غرب ووسط القارة، ومتذبذب على مستوى الشرق الإفريقي، لكننا حاليا نشتغل لفتح أفق التعاون الاقتصادي ما بين المملكة وعمقها الإفريقي في الشرق، وخاصة بين نيروبي والرباط، حتى نسعى للربط البحري والجوي لتسهيل التجارة بيننا.
نحن نتواجد في معرض كبير للقفطان المغربي هنا بكينيا، هل ترون أن الثقافة المغربية قادرة على تقوية روابط المغرب مع عمقه الإفريقي، خاصة على مستوى الشرق؟
بالتأكيد؛ لأنه رأينا في غرب القارة الإفريقية وجود الزاوية التيجانية الممثلة للثقافة واللباس المغربي، وفي كينيا يوجد مسؤولون كبار يطلبون بقوة اللباس المغربي التقليدي، باعتباره لباسا عالميا ومميزا، والكينيون جزء من هذا التوجه العالمي المعجب بقوة بلباسنا العريق، والدليل على ذلك هو الإقبال الكبير على هذا الأسبوع الثقافي المغربي في كينيا من أجل التعرف على الصناعة التقليدية المغربية وصيتها الكبير على المستوى العالمي، وليس فقط الإفريقي.
دعنا إذا سمحتم أن نتوجه إلى ملف الصحراء المغربية، كيف تقيمون موقف نيروبي من الملف؟
نحن حاليا نستند إلى ما صرح به الرئيس الكيني، الذي يدعم المسار الأممي وموقف الاتحاد الإفريقي، ومعلوم أن المسار الأممي، من خلال مجلس الأمن، يعتبر أن الحكم الذاتي منطقي وجاد وواقعي، والموقف الإفريقي أقر آلية “الترويكا”، التي يجتمع فيها رؤساء سابقون وحاليون للمفوضية من أجل دعم الموقف الأممي؛ ما يعني بالنسبة إلينا، أن الموقف الكيني عرف تطورا كبيرا، ونتمنى أن يتطور أكثر.
هل تظنون أن هناك وعيا حاليا في كينيا بحقيقة النزاع المفتعل؟
هناك بالتأكيد وعي متنام في كينيا بحقيقة النزاع حول الصحراء المغربية؛ ففي الأول كان هناك غياب تام للإدراك لدى المسؤولين هنا بطبيعة الصراع المفتعل، حيث لا يرون الحكم الذاتي بل فقط الاستفتاء في الأقاليم الجنوبية للمملكة، لكن اليوم هم يعون بالضبط الموقف الأممي، والدليل على ذلك هو تعبيرهم على وقوفهم بجانب الشرعية الدولية مع مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي، وهو ما يتوافق مع توجه المملكة التي هي بدورها مع الشرعية الدولية لمجلس الأمن والاتحاد الإفريقي.
نعلم أن طرد الجبهة من الاتحاد الإفريقي قريب للغاية، هل سيدفع تحقيق ذلك إلى سحب تمثيلياتها بشكل كامل من الدول التي ما تزال تتواجد بها مثل كينيا؟
بطرد الجبهة المزعومة من الاتحاد الإفريقي، سينتهي الموضوع تماما بطبيعة الحال. حاليا توجد أصوات ترتفع وسط الاتحاد الإفريقي تطالب بسحب عضوية الجبهة؛ لأنها تعطل مصالحهم كما وقع على مستوى الشراكات، فالصين لا يتم استدعاؤها في الاجتماعات المشتركة، كما أن المشاكل تقع في أي شراكة مع دولة أخرى يحضر فيها هذا الطرف، مما يدفع الدول الإفريقية إلى كسب وعي كبير بخطورة عضوية البوليساريو في الاتحاد الإفريقي، باعتبارها عنصرا معرقلا للاندماج الإفريقي، يريد فقط الحضور لا غير، ما يعني أيضا أن حل هاته المشاكل يتم فقط بطرد هذا الورم.
أضيف إلى ذلك أيضا أن الإشكال يوجد على مستوى الميثاق الإفريقي الذي لا يتضمن بند طرد الدول، إذ يتم فقط تجميد عضويتها، ما يستدعي بشكل عام تعديل هذا الميثاق حتى يتم طرد الجبهة المصطنعة، والمغرب يشتغل على هذا الشق وتتقوى جهوده مع الممارسات الإرهابية للجبهة في مدينة السمارة المغربية، التي ستدفع أيضا المنتظم الدولي إلى تصنيف البوليساريو جماعة مسلحة إرهابية.
في هاته النقطة بالضبط، الهجوم الإرهابي للجبهة على السمارة، هل سيوضح للمنتظم الإفريقي حقيقة نزاع الصحراء وطبيعة أعداء الوحدة الترابية؟
بالتأكيد، الهجوم الإرهابي للبوليساريو على مدينة السمارة أوضح للجميع أن هؤلاء الإرهابيين الذين يدعون التحرر، ومحاربة الاضطهاد، وتحرير إخوانهم في الأقاليم الجنوبية المغربية، يتناقضون في موقفهم، إذ كيف ستحرر أخاك وأنت تقتله وتهاجمه بالسلاح؟! ما يعني أن هناك توجها عالميا في الوقت الحالي لوضع البوليساريو في قائمة المنظمات الإرهابية، ومؤخرا طالب برلمانيون أمريكيون الرئيس الحالي بتصنيفها جماعة إرهابية مسلحة، كما أن الجبهة هددت متسابقين في رالي “موناكو-دكار” بالقتل، لكنها لن تنجح في ذلك باعتبار أن القوات المسلحة الملكية حاضرة، وتقوم وفق تعليمات العاهل المغربي، نصره الله، بعملها الجبار في حماية المواطنين المغاربة في كافة ترابنا المقدس.
عودة إلى العلاقات بين نيروبي والرباط، هل ستتم إعادة فتح خط جوي مباشر؟
نشتغل حاليا على فتح خط جوي مباشر بين الدار البيضاء ونيروبي، تبقى فقط ترتيبات قليلة لتحقيق ذلك. كما هناك خط بحري مرتقب بين طنجة ومومباسا، وأيضا خط بحري ثان بعد الانتهاء من أشغال بناء ميناء الداخلة الأطلسي، سيربط بين المملكة والمدينة الكينية عينها.
ماذا عن تمثيلية نيروبي في الرباط؟ هل سترتقي إلى سفارة؟
سيرتفع التمثيل الديبلوماسي الكيني بالرباط إلى مستوى سفارة في الأسبوع المقبل، وتوجد حاليا بعثة من المسؤولين من وزارة الخارجية الكينية في الرباط لهذا الغرض.
وصلنا إلى الختام وسؤالنا كيف يرى الأفارقة دور المغرب في القارة الإفريقية حاليا؟
في الحقيقة القارة الإفريقية كلها تعرف جيدا الدور الكبير والمحوري للمملكة المغربية. وكما نرى، فوزارة الخارجية المغربية تحمل اسم التعاون الإفريقي، ما يعني أن الشراكة والتعاون مع القارة شق هام من ديبلوماسيتنا، والمملكة حاضرة بقوة في عمقها الإفريقي، ولها تمثيليات كبيرة ومتعددة، ودول قليلة فقط لا تربطنا معها علاقات ديبلوماسية.