سياسة وعلاقات دولية
هل يجرؤ البرلمان على برمجة مقترح العفو العام؟
بعدما تقدّم برلمانيا فدرالية اليسار الديمقراطي، عمر بلافريج ومصطفى الشناوي، في سابقة من نوعها، بمقترح العفو العام عن معتقلي حراك الريف، يواجه هذا المقترح سيناريو «التجاهل» وعدم برمجته للمناقشة داخل لجنة العدل والتشريع.
مصادر برلمانية أفادت «أخبار اليوم» بأنه من الصعب أن تدعم الفرق البرلمانية هذا المقترح، نظرا إلى أن العادة جرت أن يكون العفو صادرا بشكل حصري عن الملك، لذلك ظلت هذه الصلاحية، التي ينصّ عليها الفصل 71 من الدستور، بعيدة عن التفعيل من قبل نواب الأمة.
إلا أن نائبي فدرالية اليسار يريدان استغلال بعض الصلاحيات التي لا يقترب منها باقي النواب، حتى وإن كانا يعلمان أنها لن تحصل على الدعم والتأييد. وفي هذا الصدد، يقول مصطفى الشناوي، البرلماني عن الفدرالية: «لو انتظرنا توفر الأغلبية لكي نقوم بمهمة التشريع، فلن نقوم بأي شيء على هذا الأساس». واعتبر الشناوي أن هذا المقترح «بمثابة حل حقوقي وسياسي، لأن الملف مسيّس منذ البداية، وحتى الاعتقالات وتكييف التهم ذهبت في الاتجاه نفسه، لذلك، فالحل سياسي وليس قضائيا».
مقترح الفدرالية، الذي سيتقدم به حزب سياسي لأول مرة، في ظل الدستور الجديد، جاء، حسب الشناوي، في ظل فشل المقاربة الأمنية، مضيفا أن الغليان الذي يشهده المغرب خطر على الجميع. «نحن نريد حلاّ قبل أن تنفجر الأوضاع»، يبرز الشنّاوي. ومنذ وضع المقترح بمكتب مجلس النواب، نهاية الأسبوع الماضي، والجدل متواصل حول مدى فعالية هذا الإجراء، حيث يلف الغموض تفاصيل تنزيله على أرض الواقع. عبد الرحيم العلام، المحلل السياسي، يرى أن العفو يصدر في الأصل عن المجتمع من خلال من فوض إليهم تمثيله، أي البرلمانين الذين ينوبون عن المجتمع.
وعن الفرق بينه وبين العفو الملكي، يقول العلام إن الأول «يعفي من العقوبة في إطار الشفقة والرحمة، أما العفو العام الصادر عن البرلمان فهو لا ينطلق من منطلق الرحمة والشفقة، بل يهدف إلى محو الطابع الجرمي عن الفعل الذي بموجبه جرى الحكم على المعتقلين، فيتحولون من مدانين إلى أبرياء».
أما يونس مرزوقي، أستاذ القانون الدستوري، فاعتبر أن العفو العام إجراء غير صائب في حالة «حراك الريف»، «لأن البرلمان يصدر فقط النصوص العامة المجردة»، و«أن العفو العام هو نص تشريعي تنزع بموجبه صفة الجريمة عن بعض الأفعال التي كان يعاقب عليها القانون والمرتكبة في مدة زمنية معينة، وذلك بمنع كل متابعة ضد مرتكبيها ومحو العقاب المسلط عليهم».
الإشكال، حسب المرزوقي، هو أن التهم الموجهة إلى نشطاء الريف ثقيلة، على رأسها المؤامرة للمس بالسلامة الداخلية للدولة، «فهل سيتمكن قانون العفو التشريعي، الذي له وظيفة المصالحة، من نزع صفة الجرم عن هذه الأفعال؟»، كما أن المقترح «لا يمكن أن يتضمن قائمة اسمية للأشخاص الذين سينتفعون بالعفو العام».