على بعد أسابيع قليلة من شهر رمضان، تغص المحال التجارية والأسواق الشعبية بالمواطنين المغاربة للتبضع استعدادا للصيام في ظل ظروف استثنائية فرضتها جائحة “كورونا” للعام الثاني على التوالي، وأجبرتهم على التطبيع مع ممارسات جديدة لكنها لم تلغ تقاليد التعامل مع الشهر الفضيل، الخاصة أساسا باقتناء لوازم موائد الإفطار.
وأثرت جائحة “كورونا” وتداعياتها على القدرة الشرائية للمغاربة، لكن ذلك لم يمنع البعض من الإعداد المسبق لشهر الصيام باقتناء ما تتطلب موائد الإفطار، بينما تعمل السلطات على تقويم أسعار المواد الاستهلاكية التي يرتفع الطلب عليها بهذه المناسبة الدينية.
ومن المرتقب أن يخوض بعض النشطاء المغاربة حملات توعوية وسط المواطنين من أجل تحسيسهم بضرورة الحفاظ على الطعام، وعدم تبذير المواد الغذائية خلال شهر رمضان.
وقال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، إن “كورونا” لم تؤثر على نمط عيش المغاربة خلال شهر رمضان، مبرزا أن “المواطنين يستقبلون الشهر الفضيل في عز الطوارئ الصحية للمرة الثانية على التوالي وقد طبعوا مع الأمر”.
وأضاف الخراطي أن “الجائحة لم تؤثر على نمط استهلاك المغاربة خلال شهر رمضان الفائت، بل ازداد إقبالهم على المواد الغذائية”، موردا أن “الجامعة ستطلق حملات تحسيسية لتفادي تبذير المواد الغذائية خلال شهر رمضان من قبيل المعجنات والكسكس والخبز”.
وأوضح الفاعل الجمعوي ذاته أن “كل مغربي يتلف 90 كيلوغراما من الخبز خلال سنة واحدة”، مبرزا أن أسعار المواد الغذائية مع اقتراب شهر رمضان “مستقرة إلى حد الساعة ولم يشملها أي تغيير، باستثناء المحروقات والبيض والزيت؛ إذ في الوقت الذي يباع فيه البيض مثلا في الضيعات بـ17 ريالا نجده يباع في السوق بـ 28 ريالا”، مرجعا السبب في ذلك إلى الوسطاء.
وتشير أرقام منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من 30 في المائة من الطعام الذي ينتج كغذاء للبشر حول العالم يتعرض للهدر كل عام، وتعادل هذه النسبة 1.3 مليار طن من الغذاء، وتبلغ التكلفة الإنتاجية لذلك تريليون دولار، والتكلفة البيئية نحو 700 مليون دولار، والتكلفة الاجتماعية نحو 900 مليون دولار.
على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تشير توقعات سابقة للمنظمة إلى أن الفرد يهدر متوسط 250 كيلوغراما سنويا من الغذاء، لكن هذا الهدر يرتفع في شهر رمضان ليصل إلى 350 كيلوغراما.
وفي المغرب، قدرت المنظمة في تقرير سابق لها أن ثلث ما يتم طهوه في رمضان يرمى في سلال القمامة، بحيث تلجأ 45.1 في المائة من الأسر المغربية إلى رمي أغذية تتراوح قيمتها بين 6 و51 دولار شهريا، ما يمثل 500 درهم، لا سيما في رمضان.
هذا الأمر يتزامن مع أرقام نشرتها قبل أسابيع المنظمة نفسها تشير إلى استمرار ارتفاع معدلات الجوع في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، حيث يعاني 52 مليون شخص من نقص مزمن في التغذية، منهم أكثر من 1,4 مليون مغربي.
المصدر: هسبريس