سياسة وعلاقات دولية

الادريسي: قضية توفيق بوعشرين حلها ليس حلا قانونيا بل سياسيا

قال المحامي، عبدالصمد الإدريسي، إن قضية توفيق بوعشرين حلها ليس حلا قانونيا ولا قضائيا، بل هو سياسي.

ما هي أبرز الانتهاكات التي طالت الحقوق الدستورية للصحافي توفيق بوعشرين، والاختلالات التي مست شروط المحاكمة العادلة؟

بالنسبة إلينا نعتبر أن المسطرة التي تم بمقتضاها توقيف بوعشرين يوم23  فبراير2018، وتقديمه أمام النيابة العامة ومحاكمته بناء عليها، شابتها مجموعة من الخروقات التي تضرب في العمق شرعية الإجراءات ونحن قلنا من البداية إن الفرقة الوطنية لما زارت توفيق بوعشرين من أجل توقيفه لم يكن من حقها أن تقوم بتفتيش مقر الجريدة بتلك الطريقة التي تمت بها، لأن المسطرة في إطار البحث التمهيدي يجعل الفرقة الوطنية مقيدة قانونيا، لأن الأمر لم يكن يتعلق بمسطرة “التلبس”. كما يجب أن نتذكر أنه في ذلك اليوم، أي يوم اعتقال المدير المؤسس لـ”أخبار اليوم”، كانت الفرقة الوطنية تتوفر على شكايتين من نعيمة الحروري وخلود الجابري، وكانت فارغة من أي دليل أو عنصر يمكن بمقتضاه إيداع توفيق بوعشرين في الحراسة النظرية، أو توجيه الاتهام له، بل هو فقط إدعاء. هذا يعني أن الإشكال الأول من الناحية المسطرية كان في إجراءات الإيقاف، وإجراءات التفتيش، وإجراءات الإيداع في الحراسة النظرية، وبالتالي نحن نقول إن المسطرة بدأت منذ البدء بخرق جسيم للقانون، وانتهاكا لحق أساسي هو الحق في الحرية.

ماذا بخصوص الشكاية الأولى المجهولة المصدر والموقعة التي أشرت عليها النيابة في أول بلاغاتها؟ ولماذا لم تحدث مواجهة مع المشتكية؟ ثم ما هي قراءتكم لعدم ظهور صاحبتها؟ 

في البداية، وفي محاضر الضابطة القضائية تم تسميتها شكاية، بعد ذلك وعقب مناقشة الدفوع الشكلية، النيابة العامة وبدورها تشبثت بكونها “شكاية” مجهولة المصدر، لكن فيما بعد وخلال مناقشة الموضوع، تراجعت النيابة العامة وسمتها “وشاية”، وبطبيعة الحال كنا وخلال المحاكمة نحرج النيابة العامة، لأن الطريقة والعمل القضائي العادي في مختلف مدن المملكة، الوشايات يتم التعامل معها بطريقة معينة ليست هي نفسها الطريقة التي تم التعامل بها في ملف بوعشرين. من جهتنا كنا نطرح السؤال التالي: هل هاته المشتكية أو الواشية المحترمة حضرت بنفسها إلى المحكمة، بمعنى إذا حضرت لن تكون شخصا مجهولا، أم أرسلت ذلك بالبريد؟ عموما، أي جواب كان سيكون محرجا للنيابة العامة، إلى درجة أننا طلبنا إحضار السجل الذي سُجلت فيه الشكاية في المحكمة فرفضت النيابة العامة بحجة واهية جدا، وهي أن السجل مشمول بالسر المهني، يعني تواجهنا بالسر المهني في الوقت الذي سجل المحكمة اليوم صار بصيغة إلكترونية معروضة للعموم ولأي شخص من خلال رقم الشكاية، ولكن وفي الآن ذاته هذه الشكاية غير مسجلة في سجلات المحكمة الاعتيادية المعروفة. أيضا كنا نطرح سؤالا هل هذه الشكاية المجهولة تفتح المجال لأي شخص مجهول أن يقدم شكاية ضد شخص معروف وتتخد النيابة العامة قرارا بفتح بحث ضده وتوجه هذه الشكاية إلى الفرقة الوطنية وليس إلى الضابطة القضائية العادية. ولذلك نقول إنهم كانوا يبحثون عن أي طريقة لبدء المسطرة، فكانت هذه طريقتهم.

لماذا في نظرك لم تأخذ المحكمة بعين الاعتبار دفوعات هيئة دفاع الصحافي توفيق بوعشرين، بما فيها الخبرة الطبية لحالته، والخبرة التقنية على هاتفه وغيرها، ثم مرافعته ليلة الحكم، والتي تضمنت عناصر قانونية جد دقيقة؟

للأسف المحكمة رفضت تقريبا كل دفوعاتنا، وكل ملتمساتنا وطلباتنا، ماعدا بعض الطلبات العادية والبسيطة، لكن في الغالب العام جميع ملتمساتنا قوبلت بالرفض وهذا يتضمنه الحكم للأسف. لا يمكن أن أعرف السبب، لكن كان من المفروض أن ترد المحكمة في تعليلها، ونحن ننتظر خروج الصيغة الأخيرة للحكم، آنذاك سنعرف تعليل رفض المحكمة لهذه الدفوعات والطلبات وسيكون هذا التعليل محل نقاش أمام محكمة الاستئناف. بالنسبة إلى توفيق بوعشرين فطيلة مراحل المحاكمة أظهر فهما دقيقا لقضيته بمختلف تفاصيلها، سواء منها  القانونية أو الواقعية، حيث إن كل كلامه كان دقيقا ويضرب في العمق ادعاءات محضر الضابطة القضائية، وأيضا، مرافعات النيابة العامة.

إذا كانت محاكمة الصحافي توفيق بوعشرين سياسية، فهل المدخل القضائي كاف لمعالجتها؟

بالنسبة إلي ومنذ البداية، توجد قضايا عديدة القضاء يجد نفسه مضطرا للفصل فيها، وبالتالي في كثير من الأحيان أصبح يُزج بالقضاء في قضايا المفروض أن يكون مكانها مجال آخر وليس القضاء، ولكن اليوم، مادام الملف معروضا أمام المحكمة، كان من الضروري أن تصدر حكما لأنه ومنذ البداية قناعتي التي أتقاسمها مع العديدين في ملف بوعشرين ستحكم فيه المحكمة، ولكن قضية توفيق بوعشرين حلها ليس حلا قانونيا ولا قضائيا، بل هو حل سياسي يوجد بيد جهات أخرى.

ماذا بخصوص الفيديوهات التي اعتمدتها المحكمة كدليل إدانة؟ ألم تحدد الخبرة هوية الأشخاص الظاهرين فيها؟ 

الفيديوهات التي تم عرضها خلال الجلسات لم تحدد هوية الشخص، بل المحكمة وفي عناصر الخبرة لم تطلب من الدرك الملكي أن يحدد هوية الشخص، وأنا شخصيا طلبت خبرة مضادة تكميلية، لنحدد فيها العناصر الدقيقة لأن الحكم القاضي بالخبرة لم يحدد عناصر دقيقة التي ستتطلب طبيعة الخلاف الموجود في القضية، لذلك، وبعد صدور الخبرة قالوا إن الخبرة حلت المشكل، لكن بالنسبة إلينا هذه الخبرة لم تحل الإشكال. وفي مداخلتي في شقها المتعلق بمناقشة الخبرة التمست من المحكمة إجراء خبرة تكميلية وحددت عناصرها لطرحها على الدرك الملكي، وقلت هل يمكن تحديد الهوية من خلال الأشرطة؟ وللأسف، ومرة أخرى المحكمة لم تستجب لهذا الطلب وكان هذا السؤال سيحل الإشكال بشكل قطعي.

ما هي توقعاتك بخصوص الاستئناف؟ وهل يوجد أمل في تغيير مسار القضية؟

لا يمكن أن أتوقع أي شيء. الأكيد أننا سنستأنف بعد التشاور مع توفيق بوعشرين وسنعرض عليه مؤاخذاتنا الكثيرة على المسطرة والخروقات الموجودة فيها والحكم الابتدائي، لأن المكان الأساسي لمناقشة الأحكام هو الاستئناف، وهو الدرجة الثانية في التقاضي. سنذهب بأمل كبير لأنه إذا كانت المحكمة الابتدائية أخطأت في تقدير الوقائع وشرعية الدليل ووسائل الاقناع المعروضة أمامها، أملنا هو قضاة الدرجة الثانية، ولهذا وجد الاستئناف لتصحيح الأخطاء السابقة، ولكن كما قلت نتمنى أن تحل هذه القضية في شقها السياسي.

إغلاق