أخبار
المعرض الدولي للفلاحة في مكناس يمهد لاتفاقيات ثنائية بين المغرب وفرنسا
يحُلّ مارك فيسنو، وزير الفلاحة والسيادة الغذائية الفرنسي، يوم غد الأحد، بالمغرب، في إطار زيارة تمتد لثلاثة أيام تزامنا مع استضافة مكناس لفعاليات النسخة السادسة عشرة للمعرض الدولي للفلاحة خلال شهر أبريل الجاري، استجابة لدعوة رسمية من نظيره المغربي محمد صديقي.
وحسب بيان لوزارة الفلاحة والسيادة الغذائية الفرنسية، سيحضر الوزير فيسنو حفل الافتتاح، على أن تجمعه محادثات ثنائية مع محمد صديقي لتوقيع اتفاقية بين البلدين حول التعاون الفلاحي والغابوي، ثم يطلع المسؤول الحكومي الفرنسي نفسه على العارضين الممثلين للجمهورية بالمعرض الفلاحي.
زيارة مثقلة
أفاد البيان ذاته بأنه من المبرمج كذلك توقيع اتفاقيات بين المهنيين الفرنسيين ونظرائهم المغاربة فيما يخص عددا من الأنشطة التي ترتبط بقطاع الفلاحة والإنتاج الغذائي، في وقت ستُوقع المؤسسات والمعاهد العلمية الفرنسية مع نظيرتها المغربية اتفاقيات للبحث العلمي الفلاحي والتعاون المشترك.
وتُعوّل كذلك فرنسا على معرض الفلاحة بمكناس، حيث تشارك ضمنه بحوالي 37 شركة ستحظى بجناح تصل مساحته إلى ما يصل إلى 300 متر مربع، وفقا لما كشفت عنه الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغرب منذ يومين.
قدوم وزير الفلاحة والسيادة الغذائية الفرنسي إلى المغرب يأتي في إطار دينامية من الزيارات افتتحها ستيفان سيجورني، وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي؛ في حين يُرتقب أن تحل كذلك بالمملكة وزير الثقافة رشيدة داتي، إلى جانب وزير الداخلية جيرالد دارمانين، مما يعكس رغبة فرنسية متواصلة في تجاوز البرود الذي أصاب العلاقة بين البلدين خلال الفترة الماضية، لا سيما مع استمرار باريس في اعتماد موقف ضبابي بخصوص السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، عوض الاكتفاء بدعم مخطط الحكم الذاتي.
فهمٌ للشرط المغربي
قال عباس الوردي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “توالي زيارات المسؤولين الفرنسيين إلى المغرب بعد المرحلة الأخيرة القاتمة التي ألقت بظلالها على العلاقات بين البلدين، من جانب فرنسي بطبيعة الحال، يعكس رغبة أكيدة من باريس في طي صفحة الماضي عبر بوابة الدبلوماسية وتكريس تلاقي المؤسسات الذي افتتحه الوزير سيجورني”.
وأضاف الوردي، في تصريح لهسبريس، أن “سلسلة الزيارات هذه تثبت أن فرنسا أخذت علما بالشروط المغربية لتمنيع العلاقة بين الرباط وباريس وتكريسها عبر مؤسسات قادرة على بحث سبل التعاون والشراكة، مع تكريس استراتيجية الخطاب السياسي الفرنسي في إطار ثنائي وعلى أساس بناء أجندات مشتركة وقائمة على البراغماتية”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “أهمية هذه الزيارات؛ غير أنه من المفروض أن يُواكبها توجه فرنسي تجاه الدبلوماسية المغربية والتوجهات الكبرى التي تقودها المملكة في إطار تنزيل مخطط لحكم الذاتي الذي يظل متصفا بالواقعية والمشروعية والظافر بالموثوقية”، لافتا إلى أن تزامن زيارة وزير الفلاحة والسيادة الغذائية الفرنسي إلى المملكة مع انطلاق فعاليات الدورة السادسة عشرة من المعرض الدولي للفلاحة بمكناس يعبر عن رغبة فرنسية أكيدة في خلق جسر جديد للتعاون في شتى المجالات، بما فيه الفلاحي”.
وذكر الأستاذ الجامعي أن “اللازم في الوقت الراهن هو الانكباب على معالجة القضايا العالقة بين البلدين؛ بما فيها السياسية والاقتصادية والأمنية في إطار اللجنة العليا المغربية الفرنسية، في وقت تعد فيه هذه الزيارات حلقة من حلقات البناء بين الرباط وباريس الذي يراد أن يكون مرتكزا على الموضوعية والشفافية”.
رهان على المملكة
قال محمد نشطاوي، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن “فرنسا باتت تراهن، عبر شتى الوسائل الدبلوماسية المتاحة، على تجاوز الأزمة الأخيرة التي خيمت على علاقتها مع المغرب، حتى وإن كان الأمر من بوابة التعاون في المجال الفلاحي، لا سيما أن البلديْن يرتبطان بمعاملات مهمة في هذا الإطار”.
وأكد نشطاوي، في تصريح لهسبريس، أن “فرنسا باتت تضع نصب عينيها تموقعا اقتصاديا بالصحراء المغربية، في إطار إرادة تعبر عنها من أجل إعادة التموقع بالقارة ككل، خصوصا بعد رهانها الخاسر على الجزائر لوحدها وخروجها المهين من معاقلها بدول الساحل الإفريقي”، لافتا إلى أن “هنالك إقرارا فرنسيا بالخطأ في التعويل على الجزائر لوحدها بمنطقة شمال إفريقيا”.
وأبرز الأستاذ الجامعي ذاته أن “المغرب يظل، إلى حدود الساعة، متشبثا باعتراف فرنسي بالسيادة المغربية على الصحراء، كنظيره الأمريكي، في وقت يتضح أن ممثلي الماسكين بزمام أمور الجمهورية لا يزالون يسيرون في اتجاه ممارسة تقاليد الواقعية السياسية؛ وهو ما تدركه الرباط التي تعرف حدود المراهنة على باريس في ملف الصحراء، حيث تقوم بتقييم أدائها في هذا الصدد بشكل دوري، على الرغم من أن فرنسا تظل من الداعمين الأوائل لمخطط الحكم الذاتي المغربي منذ الإعلان عنه”.
المصدر : هسبريس