سياسة وعلاقات دولية
عيوب قانون العفو تحت مجهر الرقابة.. هكذا رد الملك محمد السادس على منتقدي العفو الملكي
تسبب العفو الملكي قبل ست سنوات على “البيدوفيل” الإسباني دانيال كالفان، مغتصب الأطفال المدان بثلاثين سنة سجنا نافذة، في كشف جزء من أسرار الطريقة التي يتم بها العفو، والتي لا تخلو من اختلالات.
هزت فضيحة دانيال الرأي العام المغربي في عز صيف 2013، وتسبب العفو الذي أصدره الملك محمد السادس عن 48 سجينا إسبانيا من بينهم دانيال المحكوم عليه بثلاثين سنة سجنا نافذة بسبب جرائمه الجنسية ضد أطفال مغاربة في احتجاجات شعبية، هي الأولى من نوعها تنتقد الطريقة التي تم بها العفو عن سجناء من طرف الملك.
وأدى انتشار الخبر إلى استنكار واسع وانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي سرعان ما تحولت إلى مظاهرات ووقفات احتجاجية في مجموعة من المدن، ووجه بعضها بقمع أمني كثيف، خصوصا في تطوان والرباط، وأدى العفو على مغتصب الأطفال الإسباني، إلى نشوب خلاف خفي وارتباك داخل مؤسسات الدولة حول خطأ العفو. سرعان ما سيرفع من وتيرة السياسة التواصلية الكثيفة، وغير المسبوقة للقصر الملكي عن طريق إصداره بلاغات التوضيح.
أخذت القضية أبعادا دولية، خصوصا على مستوى العلاقات المغربية الإسبانية، بحكم أنها جاءت في إطار موجة عفو عن مجموعة من الإسبان المسجونين بالمغرب، وأبعادا مخابراتية بحكم الصفة السابقة لدانيال كالفان كعميل للمخابرات الإسبانية.
وحسب المتتبعين للقضية، فإن فضيحة العفو على البيدوفيل الإسباني شكلت اختبارا صعبا للمؤسسة الملكية بالمغرب وهي تمارس أحد أهم صلاحياتها المتفردة بنص الدستور، بطريقة مباشرة، حيث حملتها الانتقادات مسؤولية التدبير الخاطئ لهذا الملف، كما ساهمت في ظهور نقاش عمومي حول الطريقة السرية التي يتم بها إعداد لوائح المستفيدين من العفو الملكي، وهي الفضيحة التي وضعت بعضا من عيوب قانون العفو تحت مجهر الرأي العام والمجتمع، بعدما تم العبث بهذه الصلاحية الدستورية الحصرية للملك، فأصبح هذا العفو مثار انتقادات دعا أصحابها إلى التعجيل بتقديم إصلاحات على قانون العفو، يسبقها تقديم نقد ذاتي وتشخيص شامل حول العفو الملكي، الذي تم توظيفه سياسيا منذ 16 فبراير سنة 1956.
بعد هذه الضجة، سوف يضطر الديوان الملكي، إلى إصدار بلاغ رسمي سيوضح فيه تفاصيل سرية حول الكيفية التي تم بها العفو الملكي، وفي هذا الصدد قال البيان “على إثر إطلاق سراح، المسمى دانيال كالفان، من جنسية إسبانية، الذي أدانه القضاء المغربي، خلال الأيام الأخيرة، يود الديوان الملكي تقديم العناصر الإخبارية والتوضيحات التالية إلى الرأي العام”، إذ نفى الملك محمد السادس “بتاتا اطلاعه بأي شكل من الأشكال وفي أي لحظة بخطورة الجرائم الدنيئة المقترفة التي تمت محاكمة المعني بالأمر على أساسها”.
وأوضح بلاغ الديوان الملكي، “من المؤكد أن صاحب الجلالة لم يكن قط، ليوافق على إنهاء إكمال دانيال لعقوبته بالنظر إلى فداحة هذه الجرائم الرهيبة التي اتهم بها”.
وشدد البلاغ “أن صاحب الجلالة، بوصفه الحامي الأول لحقوق الضحايا، وفضلا عن ذلك الأطفال وعائلاتهم، لن يدخر أي مجهود لمواصلة إحاطتهم برعايته السامية. وتبرز مختلف مبادرات صاحب الجلالة بالتأكيد، تمسك العاهل الكريم بمجموع القيم الأخلاقية الثابتة، وبمركزية النهوض بحقوق الإنسان وحماية الطفولة، وكذلك الدفاع عن المجتمع المغربي ضد أي مساس به، وكل الأعمال المدانة من قبل الضمير الإنساني”.
بعد التطورات التي أطلقت لنفسها عنان انتقاد صلاحيات متفردة للملك، أكد بلاغ الديوان الملكي، “لهذه الاعتبارات جميعها، قرر صاحب الجلالة، بمجرد أن تم إطلاعه على عناصر الملف، أن يتم فتح تحقيق معمق من أجل تحديد المسؤوليات ونقط الخلل التي قد تكون أفضت لإطلاق السراح هذا الذي يبعث على الأسف، وتحديد المسؤول أو المسؤولين عن هذا الإهمال من أجل اتخاذ العقوبات اللازمة. وستعطى التعليمات، أيضا، لوزارة العدل من أجل اقتراح إجراءات من شأنها تقنين شروط منح العفو في مختلف مراحله”.