سياسة وعلاقات دولية
المغـرب يقـوي روابطـه مـع «إلباييـس» بعـد تدهـور علاقتـه بـ«إلمونـدو»
على عكس العلاقات المتشنجة في السابق، تتسم العلاقات بين السلطات المغربية وصحيفة “البايييس” في ظل الإدارة الجديدة بالتوازن، الذي يصل إلى حد التماهي من أجل خدمة التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين المملكتين.
هذا التقارب يأتي في الوقت الذي توترت فيه العلاقات بين السلطات المغربية وصحيفة إلموندو(التي كان ينشر فيها قبل أسابيع أحد المالكين لمجموعة إعلامية مقربة من السلطة مقالاته) لاسيما في الآونة الأخيرة. كل هذه يوحي بأنه قد يكون هناك من يتوجس من التقارب الحاصل بين المغرب والحكومة الاشتراكية الحالية، علما أن “إلباييس” تعتبر الذراع الإعلامي الورقي والرقمي للاشتراكيين والتقدميين، ولها يعود الفضل، أولا، إعلاميا في فوزهم بالانتخابات التشريعية، لـ 28 أبريل الماضي، والأوروبية يوم 26 ماي المنصرم خير دليل على هذا التماهي بين الصحيفة الأولى بإسبانيا وبالعالم الناطق بالإسبانية (600 ألف ناطق بها عالميا)، هو المنتدى حول المغرب الذي نظمته “إلباييس”، يوم أول أمس الثلاثاء، تحت عنون “المغرب: مركز مفتاح في الاستثمارات والبيزنيس” بتعاون مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، ووزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي.
خلال هذا المنتدى، كشف فرانسيسكو ريبيرات، رئيس الشركة العالمية الإسباني جيستابر (Gestamp) المتخصصة في صناعة قطع غيار السيارات، وبالضبط ختم الفولاذ الساخن المقاوم للصدأ، أن فرع المصنع الجديد للشركة بمدينة القنيطرة سيبدأ العمل، فعليا، في غضون بضعة أشهر من أجل تزويد شريكيها وزبونيها، مجموعة بي أس إيه (بيجو-سيتروين) ومجموعة رونو نيسان لصناعات السيارات، بقطع الغيار، وهما شركتان تنشطان بقوة في المغرب. وتابع المسؤول ذاته أن شركته ستبدأ العمل في المغرب بـ”مخططات مهمة”؛ في هذا قال: “هو مصنع في بدايته، ولكن لديه مخططات مهمة بالنسبة للمرحلة الثانية والثالثة”. وستخلق هذه الشركة الإسبانية في البداية 120 منصب شغل. وأردف أن المغرب يمثل فرصة مهمة جدا لقطاع صناعة السيارات بإسبانيا، نظرا إلى أن المغرب استطاع في السنوات الأخيرة مضاعفة، بشكل جلي، أعداد المهندسين والعمال المؤهلين في قطاع السيارات؛ علاوة على نمو صادراته في قطاع السيارات.
وتوجه المسؤول ذاته بالخطاب إلى الحكومتين المغربية والإسبانية اللتين حضرتا المنتدى ممثلتين في مولاي حفيظ العلمي، ونظيرته الإسبانية، رييس ماروتو، قائلا: “ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا. لهذا، بعد الإصلاحات التي قامت بها الحكومة المغربية، يتوجب علينا الاستفادة من الفرص من أجل النمو والعمل معا، بهدف الولوج إلى الإمكانات الهائلة التي تتيحها السوق الإفريقية”.
من جهته، أكد مولاي حفيظ العلمي وجود أكثر من 100 اتفاقية بين المملكتين، كما أن التبادلات التجارية بينهما تضاعفت في السنوات الست الأخيرة، شارحا: “نتقاسم موقعا جيوستراتيجيا في البحر الأبيض المتوسط”. وأوضح العلمي أن المغرب لا يريد الدخول في علاقة تنافس مع إسبانية، بل علاقة تكامل، مع العمل على أن يكون المغرب منصة لولوج المقاولات الإسبانية إلى القارة الإفريقية التي تتوفر على حوالي مليوني مستهلك، وأن تكون إسبانيا جسرا لانتشار المقاولات المغربية في أمريكا اللاتينية. واستطرد الوزير قائلا: “يجب خلق حلقة ذكية بين البلدين من أجل تحقيق الانتشار في أسواق جديدة، لأنه إذا حققت إسبانيا ذلك، فإن المغرب كشريك صغير سيستفيد. يجب البحث عن التكامل”.
ولم يخف العلمي رغبة المغرب في الاستفادة من التجربة الإسبانية في قطاع السياحة. لهذا اقترح على الحكومتين المغربية والإسبانية خلق “جسور جوية رخيصة” بين البلدين، تسمح لملايين السياح الذين يزورون إسبانيا بالتعريج على المغرب، وتتويج عطلتهم بزيارة للمغرب الذي لا يبعد إلا بـ14 كيلومترا عن الجنوب الإسباني.
العلمي كشف أن هدف المغرب هو إنتاج مليون سيارة انطلاقا من 2025، مذكرا بأن المغرب استطاع إلى حدود الساعة إنتاج 700 ألف سيارة، رغم أنه حديث العهد في الاستثمار في هذا القطاع. في المقابل، اعترف فرانسيسكو ريبيرات بأنه ليس من المستغرب أن يحقق المغرب نتائج جيدة في إنتاج السيارات قائلا: “لم أستغرب من أن تحققوا ذلك مسبقا”. فيما أقر العلمي للإسبان بأن قطاع السيارات وقطاعات أخرى، مثل الطيران والطاقات المتجددة وتعافي سوق النسيج، يعيش أحلى أوقاته، مبينا أن هذه القطاعات تتسمح بتحقيق الأهداف المسطرة من قبل الحكومة المغربية سنة 2014، وهي خلق 500 ألف منصب شغل في أفق 2020، إذ تم إلى حدود اليوم خلق 400 منصب شغل. وأعزى هذا النجاح لتوفر “المغرب على رؤية واضحة مع اعتماد استراتيجيات قطاعية براغماتية”.
كما أشار العلمي إلى أن المغرب قام بخطوات مهمة في إنتاج الطاقات المتجددة، إذ أن 32 في المائة من الطاقة المستهلكة بالمملكة أصلها متجدد، مبرزا أن الهدف هو تحقيق نسبة 52 في المائة في أفق 2025. وأورد الوزير، كذلك، أن “تكلفة الطاقة المتجددة بالمغرب انخفضت. كما أن أسعار الطاقة الريحية اقتربت من أسعار باقي الطاقات”.
ويرى الوزير، أيضا، أن المغرب استطاع إعادة توطين شركات النسيج التي “هاجرت” إلى الصين، لكنه أصر على أن المغرب في حاجة إلى صناعة النسيج، وليس فقط خياطته، بهدف الحفاظ على كل الأرباح داخل المملكة.