منوعات
عن ارتفاع نسبة العنوسة في المغرب
رسميّا، وبعد تخطّي عتبة النّصف من الفتيات المغربيات في سنّ الزّواج اللّواتي يعرفن عنوسة، وبعد الوصول إلى 60 في المائة، بات المشكل مدعاة للنقاش، خصوصا أن 8 ملايين منهن هي أصلا “في قاعة الانتظار !”.
أرجو المعذرة على هذا التعبير، فأنا أيضا ولدتني امرأة يرحمها الرحمان وكما أكرمني الله بزوجة فإن لي أخوات وبنات إخوة.. طبيعي أن يمسّني الموضوع من جهة ما !
دعونا من الطّابوات ولغة خشب تلك السيدات اللواتي يمارسن الوصاية على الأخريات.. يدّعين أن المرأة أيُّ امرأة هي لا تحتاج إلى زواج.. وأن هذا العصر تغيّر وهي تشتغل..
دعونا من تعميم السّوداوية وطمس حقيقة المشكل، ولنتحدّث بواقعية عن أصل فُقد الموازين..
على ذكر “موازين” يكفيك أن تذهب إلى إحدى منصّاته حيث ترى وتكفيك من إجراء تحقيق أو إحصاء..
معذرة، مرّة أخرى، إنما أريد أن أقول لأولئك “الفنّانين” في الكذب طبعا؛ الذين يقارنوننا بشقيقتنا الجزائر وشقيقتنا لبنان؛ أن هؤلاء عرفوا الحرب الأهلية والاكتساح، بحيث قتل كثير من الرجال حين اكتسحت “إسرائيل” لبنان التي يعيش 7 ملايين من مواطنيها في الخارج؛ كما اكتسح الإرهابيون الجزائر في الثمانينيات؛ من بعدما قضت بهم أمريكا وطراً في حرب الوكالة..
عذرا، سأعود لأقول إذا كان حال لبنان والجزائر هذا، فما أصاب بلادنا إذاً؟ وما سبب هذا “الكُساح” إن سلمنا من الاكتساح !
حقيقة، إن المشكلة سوسيواقتصادية وثقافية، ذلك أن ثقافة المجتمع مرتبطة جدا بالظاهرة الدينية التي هي أصلا حلقة مفرغة، فكل ما يسمى “علماء” يحرّمون على المرأة المسلمة أن تتزوّج من غير المسلم؛ بينما الذّكر الحكيم؛ أي خطاب القسط والعد؛ كما يتوجّه للرجل فإنه في نفس الوقت يخاطب شقيقته المرأة، يقول : “وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ” البقرة 221
حصْر هذا الخطاب في الرجل فقط وإعطائه إمكانية الزواج من غير المسلمات زاد الطينة بلّة..
ينبغي صراحة أن نخرج إلى العالم كي ندرس ونخالط فنفهم؛ لا أن نخرج سياحة! فكثير ممّن عشرتهم وهم طلبة المهجر تخلّوا وسمحوا في أنصافهم المفتَرَضات كي يتبعوا الأوراق..
معذرة، مرة أخرى، على هذا الانحطاط في التّعبير وإن كان واقعيا. المهم هو أن البطالة والفساد وانسداد الأفق لدى الشباب كلها عوامل ألقت بهم مرة إلى القوارب ومرة أخرى إلى المهجر كي تتلقّفهم سيّدات أخرى هناك حيث كل شيء..
ثم نعود مرة أخرى إلى المقارنة مع شقيقتنا تونس التي سبقتنا بإسلامها المتوازن وعلمانية بوركيبة، إذ إنها سوّت بين الجنسين في الزواج كما في الإرث؛ بينما لا يزال أمثال الباحث “الديمقراطي” محمد عبد الوهاب رفيقي المدعو أبو حفص يدعو إلى فتح باب المناقشة.. على كلّ، سنصل إليها سنصل مع هذا الانحسار الذي يعرفه الإسلام السياسي في كل الرّبوع..
بذلك وكنتيجة تكون مطرقة المسألة الاقتصادية من جهة؛ كما سندان مجموع الأفكار الدينية وما هو ثقافة؛ قد حصرت المرأة في بوتقة؛ فلا هي تزوّجت بمسلم رخّصنا له بالنّصرانيات ولا هي مسموح لها بغير المسلم، إنها دائرة مفرغة وذاك هو الحيف باسم الدّين.
(هسبريس)