دينامية سياسية متواصلة بين نواكشوط والرباط، رغم عقبات ملف الصحراء، بغية تدعيم التعاون الثنائي في العديد من الميادين؛ بينها قطاع الاقتصاد الذي يشهد مباحثات بين الطرفين في ما يتعلق بالشراكة التجارية على صعيد القارة الإفريقية.
وتسعى “بلاد شنقيط” إلى تعزيز جاذبيتها الاقتصادية من خلال الاستعانة بالخبرة المغربية الرائدة على الصعيد القاري، بعيدًا عن تعقيدات “رمال الصحراء” التي تساهم بشكل غير مباشر في تأزيم العلاقات الدبلوماسية، وهو ما تكشفه زيارة الوفد الموريتاني إلى المملكة هذه الأيام.
وأجرى الوفد البرلماني محادثات سياسية واقتصادية مهمة مع نظيره المغربي، ليتم تتويج الزيارة بعقد لقاء موسع مع رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، من أجل الدفع بالشراكة المغربية-الموريتانية في مختلف المجالات، وكذا التنسيق في ما يرتبط بالتحديات الأمنية والاقتصادية والتنموية المشتركة.
وبخصوص أبعاد الزيارة الطارئة أشار عبد الفتاح الفاتحي، الخبير القانوني في قضية الصحراء، إلى “وجود إمكانيات توسيع آفاق الانفتاح السياسي والتشريعي بين البلدين، وهو مدخل مهم لترقية باقي القضايا البينية، لاسيما أن المنطقة كُتب لها أن تعاني استمرار المساعي الجزائرية لرهنها بنزاع مفتعل”.
وأوضح الفاتحي، أن “البلدين يعيان، اليوم، استحالة الاستمرار في هدر مزيد من الوقت السياسي والاقتصادي والثقافي، خاصة أن المنطقة في حاجة كبيرة إلى صد تزايد التحديات الأمنية والاقتصادية؛ ذلك أن عدم تفعيل هياكل الاتحاد المغاربي يفوت على البلدان الأعضاء 2 بالمائة من الناتج الداخلي”.
وأرجع الباحث السياسي الأمر إلى “عدم احترام الجزائر مبدأ صيانة وحدة الدول؛ وبالتالي فإن المغرب وموريتانيا لن يكون بوسعهما تعطيل العلاقات التعاونية لتكون نموذجية على كافة المستويات”، مردفاً بأن “البلدين سيمضيان في تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتنموي الحتمي بينهما رغم التشويش الجزائري”.
وتابع المتحدث ذاته بأن “الدوائر العليا في البلدين تعي أهمية تدعيم التعاون الاقتصادي، وهو ما جسده الاتصال الهاتفي الذي أجراه الملك محمد السادس مع نظيره الموريتاني محمد ولد الغزواني”، ثم زاد: “كيفما كان الحال فإن البلدين يعيان أنهما مجالان حيويان لبعضهما البعض في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.
كما أوردَ الفاتحي أن “مدخل التعاون حتمي، ويجب أن يؤشر حجمه على ما تقتضيه هذه الحتمية لمواجهة التحديات الحالية لعالم سريع التفاعل والتطور”، وزاد: “وفضلا عن ذلك هناك مسؤولية مشتركة بين البلدين تجاه المنطقة أولا، ولذلك فإن تعزيز الرصيد التنموي للعلاقات البينية من شأنه ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وختم الجامعي تصريحه بالقول: “يبدو أن واقعية تقوية علاقات التعاون مع الجار الموريتاني تستدعيها الحتمية، لاسيما في ما يتعلق بالقضايا الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، على اعتبار أن النجاح في كسب هذا التحدي يستدعي نهجا إستراتيجيا مثلما يقترحه الملك محمد السادس من إستراتيجية متجددة للتعاون جنوب – جنوب، وللشراكة مع بلدان القارة الإفريقية على الخصوص”.
المصدر: هسبريس