سياسة وعلاقات دولية
تقرير رسمي: المغاربة لا يقرؤون كثيراً .. وتراجع كبير يهدد المكتبات
قال تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن “المغاربة لا يقرؤون أو إنهم على الأقل لا يقرؤون كثيراً، كما أن عادات القراءة داخل الأسرة نادرة”.
وذكر المجلس، في تقرير نشره في الجريدة الرسمية رقم 6836 بعنوان “النهوض بالقراءة ضرورة ملحة”، إن اقتناء الكتب لا يعد أولوية بالنسبة لعدد كبير من المواطنين، وهذا الأمر من بين الأسباب التي أدت إلى إغلاق عدد كبير من المكتبات.
وقال المجلس، وهو مؤسسة استشارية رسمية تعنى بإصدار تقارير ودراسات وآراء استشارية، إن “قطاع النشر لا ينتج إلا عدداً متواضعاً من الإصدارات، ويعاني من عدد من الصعوبات”.
وبحسب التقرير، فإن الوسط السوسيو-اقتصادي لا يشجع في الغالب على الإقبال على القراءة، بحيث إن 38 في المائة فقط من التلاميذ المغاربة يتوفرون على بعض مصادر القراءة في بيوتهم، مقابل 61 في المائة لا يتوفرون على هذه المصادر القرائية.
ويرجع المجلس، الذي يرأسه أحمد رضى الشامي، هذا الوضع إلى عوامل سوسيو-اقتصادية أخرى، منها ظروف السكن والنقل العمومي والفضاءات العمومية غير الملائمة للقراءة.
وذكر خبراء المجلس أن القراءة تشكل وسيلة للمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي بلد، كما أن الإقبال عليها وإتقانها مدى الحياة يعد ضرورة لا غنى عنها.
ويتجلى من معطيات التقرير أن “جزءا من المكتبات المدرسية المغربية لا يتوفر على ما يكفي من موارد القراءة، كما أن أماكن العيش لا توفر في الغالب بيئة ملائمة لممارسة فعل القراءة”.
وتوجد في المغرب 609 مكتبات عمومية، جزء منها أنشئ بشراكة مع الجماعات المحلية والجمعيات، غير أن هذه المكتبات تظل سواء بالنظر لعددها أو جودة خدماتها دون المستوى كما، أنها غير متلائمة مع المعايير الدولية.
وتوفر هذه الشبكة من المكتبات العمومية ما مجموعه 1.55 مليون عنوان، وطاقة استيعابية تصل إلى 12.200 مقعد لـ109 آلاف منخرط.
وفي مجال النشر على الصعيد الوطني، أشار التقرير إلى أن النشر على نفقة المؤلف يمثل 26 في المائة من الإنتاج المطبوع، وهو ما يؤدي إلى تقليص حظوظ توزيع المؤلفات على نطاق واسع، كما أن بعضها لا يتجاوز مجال انتشار مدينة المؤلف أو دائرة معارفه.
التقرير يكشف أيضاً أن عدد المكتبات المهنية في العاصمة الاقتصادية عرفت تراجعاً كبيراً، حيث انتقل من 65 مكتبة سنة 1987، وهي السنة التي عرفت انطلاق المعرض الدولي للنشر والكتاب، إلى 15 مكتبة سنة 2016.
ويبين التقرير أن واحدة من أبرز المكتبات المهنية التي ما زالت نشيطة في العاصمة الرباط تراجع رقم معاملاتها السنوي بنسبة 25 في المائة بين سنتي 2012 و2017، كما أن نشاطها يعتمد بشكل أساسي على المبيعات خلال الدخول المدرسي التي تمثل 30 في المائة من رقم معاملاتها السنوي.
وبخصوص دور النشر، قال التقرير إن عددها يبلغ 60، حوالي 20 منها فقط هي التي تزاول نشاطها بكيفية منتظمة، وتنشر ما لا يقل عن 15 عنواناً سنوياً.
ويرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن “استعمال الأدوات الرقمية طريقة جديدة للقراءة موجهة نحو نصوص قصيرة مركزة وذات اهتمام مباشر وفوري بالنسبة للقارئ”.
لكنه أكد أن “القراءة الرقمية لا يمكن أن تحل محل القراءة التقليدية على الحامل الورقي، ذلك أن القراءة على حامل ورقي تؤدي إلى تمثل ذهني أفضل المحتوى المقروء، وبالتالي تحقق فهماً أكبر”.
ويؤكد التقرير أن “قراءة الكتب والنصوص الطويلة أو المعقدة على كل من الحامل الورقي أو عبر الأنترنيت تتطلب في كلتا الحالتين بذل مجهود على مستوى التركيز والتذكر والقدرة على تحديد الشخوص داخل النصوص الأدبية كالروايات والقصص، وهو أمر يغدو مستحيلاً إذا لم تكن مهارات القراءة المرجعية مكتسبة من قبل”.
وشدد التقرير على أن “الاستفادة القصوى من القراءة على الحامل الورقي ومن القراءة الرقمية هي في الأساس قضية تربوية يتعين إيجاد توازن بين الصنفين من القراءة”.
ومن أجل النهوض بالقراءة بشكل ناجع ومستدام ومدمج، أوصى المجلس بأن يكون هذا الاهتمام من الأولويات الوطنية وإدراجها ضمن السياسات العمومية وإعداد إطار تشريعي ومؤسساتي خاص بالنهوض بالقراءة.
كما اقترح المجلس تنظيم مناظرة وطنية حول القراءة في وظائفها المختلفة من أجل إعداد سياسة مندمجة ومشتركة بين مختلف الفاعلين المعنيين تعمل على تنسيق مختلف المبادرات الخاصة بالنهوض بالقراءة.
ولمواكبة الثورة الرقمية، دعا المجلس أيضاً إلى تشجيع الفاعلين العموميين والقطاع الخاص على استعمال جميع الأدوات والتطبيقات الرقمية لتحسين وتوسيع مختلف أشكال القراءة.
ووردت ضمن التوصيات ضرورة تعزيز إنتاج الكتاب وتوزيعه من خلال اعتماد تدابير تحفيزية قصد المساهمة في توفير الكتاب للجميع، وتنظيم حملات على الصعيد الوطني للتعريف بالإصدارات الجديدة ووضع أجندة سنوية لتنظيم أسبوع وطني للقراءة.
هسبريس