سياسة وعلاقات دولية

“مَركزة القرار” وضعف مراقبة الصفقات يبددان أدوية بملايين الدراهم

رغم الانتقادات الكثيرة الموجهة إلى وزارة الصحة بخصوص طريقة تدبير الأدوية الموجهة إلى المستشفيات العمومية، جراء اكتشاف كميات كبيرة من الأدوية الفاسدة، في أكثر من مرة، كشف التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات استمرار اختلالات تدبير الأدوية المفترض أن يستفيد منها المواطنون في المستشفيات العمومية.

تقرير المجلس الأعلى للحسابات كشف معطيات صادمة حول استمرار هدر المال العام في شراء كميات كبيرة من الأدوية التي تضيع في مخازن المستشفيات، بعد أن تنتهي مدة صلاحيتها، فيتم إحراقها؛ ففي مستشفى قلعة السراغنة، فقط، بلغت قيمة الأدوية منتهية الصلاحية، خلال الفترة ما بين 2012 و2016، ما يقارب 360 مليون سنتيم.

مَركزة شراء الأدوية

سبب ضياع مئات الملايين من الدراهم المُنفقة من المال العام لشراء الأدوية التي تظل في رفوف صيدليات المستشفيات العمومية، دون أن يستفيد منها المواطنون، يعود، بالدرجة الأولى، إلى “مركزة شراء الأدوية”، حسب علي لطفي، الكاتب العام للشبكة المغربية من أجل الحق في الصحة والحق في الحياة.

وأوضح لطفي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن تولّي وزارة الصحة، على المستوى المركزي، إبرام صفقات الأدوية، وتوزيع ما يتمّ اقتناؤه على المستشفيات العمومية، يفضي إلى ضياع الأدوية المقتناة، لأن عملية التوزيع لا تتم انطلاقا من حاجيات كل جهة، التي تختلف من جهة إلى أخرى.

ويشرح لطفي أكثر بقوله: “أحيانا لا تكون المستشفيات بحاجة إلا إلى ثلاثين أو أربعين في المائة من الأدوية التي تُزود بها، لأن تخطيط توزيع الأدوية لا يتم بناء على الخريطة الوبائية وحاجيات كل منطقة؛ ففي الجنوب الشرقي مثلا هناك انتشار كبير لأمراض العينين، وأمراض كالليشمانيوز، بينما تقل نسبة الإصابة بالأمراض الصدرية كالزكام، نظرا لمناخ المنطقة، وهذا المعطى ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار في عملية تزويد مستشفيات هذه المنطقة بالأدوية”.

وانتقد المتحدث ذاته طريقة توزيع وزارة الصحة للأدوية على المستشفيات، إذ يحصل كل مستشفى على الحصة نفسها من الأدوية دون مراعاة الخريطة الوبائية، مشيرا إلى أن بعض المستشفيات لا تكون بحاجة إلا إلى 40 في المائة من الأدوية التي تتوصل بها، “ولذلك تظل فوق رفوف المصالح لدى المستشفيات إلى أن تنتهي مدة صلاحيتها فيتم إحراقها”.

ضعف مراقبة الصفقات

ثمّة سبب آخرُ أخطر يرى الكاتب العام للشبكة المغربية من أجل الدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة أنه يفاقم فساد الأدوية الموجهة إلى المستشفيات العمومية، ويتعلق بعدم مراقبة مآلات الصفقات التي تُبرم مع شركات الأدوية.

“الشركات في بعض الأحيان لا تسلّم الكمية المطلوبة من الأدوية للمستشفيات إلا قبل مدة قصيرة من انتهاء مدة صلاحياتها، وهذا يطرح سؤال عدم احترام هذه الشركات لدفتر تحملات الصفقات التي تبرمها مع وزارة الصحة”، يوضح لطفي، مشيرا إلى أن “عدم تسلُّم المستشفيات للأدوية إلا حين تقترب نهاية مدة صلاحيتها سبب رئيسي وراء فسادها”.

وختم لطفي بالقول: “يجب أن تكون هناك رقابة صارمة على المستوى المركزي لمدى تطبيق شركات صنع الأدوية لدفاتر التحملات، وأن يتمّ فرض تسليم الأدوية على الأقل سنتين قبل نهاية مدة صلاحيتها، خاصة أن المرضى يعانون جراء خصاص الأدوية في المستشفيات”.

(هسبريس)
إغلاق