سياسة وعلاقات دولية
الخطاب الملكي والتعديل الحكومي .. إعادة تصميم السلطة التنفيذية
بين خطاب العرش، الذي ألقاه الملك محمد السادس في التاسع والعشرين من يوليوز الماضي، والذي دعا فيه صراحة إلى تجديد دماء الحكومة، وبين التاسع من أكتوبر، يوم الكشف عن تشكيلة النسخة الثانية من الحكومة، خيط سياسي ناظم واضح، ذلك أن التعديل الحكومي جاء ليستجيب بطريقة أو بأخرى لمضمون خطاب العاهل المغربي.
وفي الوقت الذي يقول بعض المحللين إن التشكيلة الحكومية المعلن عنها حاولت الاستجابة بقدر كبير لخطاب العرش الأخير، خصوصا في مسألة الدماء والوجوه الجديدة ذات الكفاءة والخبرة، يرى آخرون في هذا التعديل الحكومي مجرد خطوة رئيسية في إعادة التصميم البنيوي للسلطة التنفيذية.
وكان الملك محمد السادس قد دعا، يوم الاثنين 29 يوليوز الفائت، رئيس الحكومة إلى “رفع مقترحات لإغناء وتجديد مناصب المسؤولية، الحكومية والإدارية، بكفاءات وطنية عالية المستوى، على أساس الكفاءة والاستحقاق”، مركزا على أن “المرحلة الجديدة ستعرف جيلا جديدا من المشاريع، ونخبة جديدة من الكفاءات، في مختلف المناصب والمسؤوليات، وضخ دماء جديدة على مستوى المؤسسات والهيئات السياسية والاقتصادية والإدارية، بما فيها الحكومة”.
ووفق هذا المستوى من التحليل، فإن تعيين الحكومة يعد أول إجراء ضمن سلسلة الإجراءات التي أعلن عنها الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش الأخير، باعتبار أن الأمر لا يتعلق فقط بتعديل وزاري وتعويض وزراء بآخرين، وإنما هو إعادة التصميم البنيوي للسلطة التنفيذية.
ويواجه التعديل الحكومي الجديد رهان تأسيس نسق عمل حكومي طموح قائم على العمل الجدي وحس المسؤولية، تجاوبا مع خطابات الجالس على عرش المملكة، وهو ما صار يستدعي من الفريق الحكومي العمل بفعالية وانسجام تام في خدمة الأوراش الموسومة بالأولية بالمملكة، وكذا الاستجابة لانتظارات المواطنين.
وينتظر التشكيلة الحكومية الجديدة تحدي إظهار روح المبادرة والمسؤولية، الذي طالب به العاهل المغربي في مجلس الوزراء، بهدف تحصيل نتائج ملموسة خلال فترة ما بعد تنصيب الحكومة، وهي نتائج لا شك أنها تخضع لتقييم دقيق يتيح معرفة مدى تحقيق الفريق الجديد للأهداف المرجوة والمسطرة.
ولعل “البروفيلات المتخصصة” ذات الحنكة والخبرة في مختلف المجالات والمهام التي ستناط بها داخل الحكومة، تكون أولى دعامة في تحقيق مطلب الملك الرئيسي، المتمثل في “إنشاء جيل جديد من المشاريع، ونخبة جديدة من الكفاءات في مختلف المناصب والمسؤوليات”.
وتعتمد تعيينات “الحكومة الجديدة”، التي تتسم بكونها سياسية وليست تقنوقراطية، على المهارات المجربة والمعترف بها، كما أنها حكومة قيادات تم تصميمها كقوة عمل حقيقية وتركز على الكفاءة أولا، فيما تم تنظيم القطاعات الوزارية على منطق قطب ضخم، يمكن من تيسير العمل الحكومي وجعله أكثر سلاسة.
حري بالذكر أن ربع أعضاء الحكومة المعدلة يتشكل من النساء (5 من 22)، فيما يتكون النصف الآخر من الوزراء، الذين تم الاحتفاظ بهم في المناصب نفسها لدوافع “الكفاءة والأداء المهني”، أو تمت إعادة تعيينهم في مناصب وقطاعات جديدة.