أخبارالثقافة والفن
“المقاهي الثقافية” تعوّل على الليالي الرمضانية لتقريب الشباب من القراءة
ما زال المهتمون بـ”سلوك القراءة” يتمسكون بضرورة “استثمار ما يتيحه شهر رمضان من فرص لقراءة المجلات والصحف والكتب الأدبية والروائية والعلمية والفكرية، باعتباره شهرا يمنح الأجواء لذلك، خصوصا بعد الإفطار وقبل أذان المغرب بالنسبة لمن لهم وقت شاغر”؛ وهو الطرح الذي حظي بـ”الكثير من المصداقية ودفع المهتمين بتنظيم لقاءات فكرية خلال مساءات رمضان منذ سنوات.
شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب، التي تأسست سنة 2015، فطنت إلى “القيمة الليلية” لشهر الصيام في استئناف “العمل الثقافي”. وظلت الشبكة، طيلة سنوات، تحافظ على “لياليها الرمضانية” التي تتضمن ندوات ولقاءات مع فنانين وكتّاب، وحفلات توقيع للكتب، إلخ.. لكن “طقس القراءة” هو الرهان المتبقي، بعد أن تم تجهيز العديد من المقاهي بمكتبات، يعول عليها في رمضان لتكون “شريكا” في “التشجيع على القراءة”.
“هم متواصل”
نور الدين أقشاني، رئيس شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب، قال، في تصريح لهسبريس، إن “رمضان ما زال يشكل فرصة لكي نواصل الدينامية الثقافية، خصوصا أن العديد من المقاهي التابعة للشبكة تضع رهن إشارة الرواد كتبا لمطالعتها، ونحن نعتبر وقت ما بعد الإفطار حيويا للاستفادة منه بشكل إيجابي”، مؤكدا أن “رهان القراءة يشكل هدفا أسمى بالنسبة لمختلف المهتمين بالشأن الثقافي”.
وأوضح أقشاني أن “رمضان له خصوصية كبيرة من حيث الممارسات التعبدية؛ لكن فيه أيضا هامش كبير للممارسة الثقافية بالنسبة للأفراد على وجه التحديد”، مشيرا إلى “دور المقاهي التي تحمل هم ترسيخ المعرفة في المجتمع وفي نهضة القراءة، وفي الاشتغال طيلة السنة من أجل صياغة مشروع ثقافي بديل يتلاءم مع حاجيات الجيل الحالي، الذي اختطفته الشاشة”.
وسجل المتحدث عينه “الدور المحوري الذي لعبته نسخة الليالي الثقافية الرمضانية في تخليص المقاهي من النميمة السياسية ومن تزجية الوقت بلا استفادة بعدية ممكنة”، مؤكدا “إطلاق النسخة الجديدة والثامنة من هذه الليالي، واحتضانها توقيعات لكتب بحضور أصحابها الذين لم يدخروا جهدا في التعريف بها، وفي خدمة فعل القراءة بشكل عام”، وزاد: “لدينا حفل توقيع بالرباط وبالدار البيضاء وبأزرو، وانفتحنا على الأدب الأمازيغي”.
ولفت إلى أن “المغربي يقرأ، ويحتاج إلى فضاءات وإلى ما يقربه أكثر من عوالم الورق”، شاكرا “وزارة الثقافة والشباب والتواصل التي دعمت رفوف مكتبات العديد من المقاهي الثقافية بالمؤلفات، بغاية خلق علاقة جديدة بين رواد المقاهي والكتاب وتثمين تذوق الإبداع المغربي”، ومؤكدا أن “الإقبال ما زال ضعيفا، ودور المقاهي وحدها ليس كافيا، لأن الفعل الثقافي يحتاج جهدا مشتركا، خلال رمضان وخارجه”.
من الافتراضي إلى الواقعي
عبد المجيد سباطة، كاتب روائي ومترجم مغربي، قال إن “الكثيرين يعتبرون رمضان لا يناسب أي نشاط ذهني، لما لخصوصيات الصيام من تأثير عام على التركيز”؛ لكن هذه الفكرة، في نظر سباطة، “مرتبطة إلى حد ما بسياق خاص، فربما رمضان حاليا يختلف عن سنوات قليلة مضت، عندما كان يتصادف مع فصل الصيف، حيث تقل ساعات الإفطار، وبالكاد تكفي لأساسيات الفطور والتراويح والسحور”.
ولفت الروائي المغربي إلى أن “الوقت أصبح متاحا حاليا للقيام بأنشطة مناسبة لرمضان؛ من بينها تشجيع أنشطة المطالعة، عبر فعاليات شبكات القراءة والمقاهي الثقافية، التي يمكنها استغلال أجواء رمضان وطقوسه، في تنظيم مسابقات قراءة للأطفال والشباب، أو لقاءات مع مبدعين، تتجاوز الإطار الكلاسيكي، لتربط بين القراءة كفعل محمود ومطلوب، وخصوصية رمضان”.
واستحضر كاتب روايتي “ساعة الصفر” و”الملف 42″ حرصه في السنوات السابقة، “خلال كل رمضان، على مواكبة ولو افتراضية، تشجيعا على القراءة، حين كان ينشر يوميا بعد الإفطار مراجعات لبعض الكتب التي قرأها، ونال ذلك تفاعلا كبيرا وقتها، بين تشجيعات وتعليقات ومناقشات”، وزاد: “شاركت أيضا في لجان تحكيم مسابقات من تنظيم “شبكة القراءة في المغرب”، وكانت تجربة فريدة تتعرف من خلالها على حضور فعل المطالعة ونوعية الكتب المقروءة لدى الأجيال الصاعدة.
وتذكر المصرح لهسبريس “مشاركته قبل سنوات في العديد من اللقاءات التي تناولت بالقراءة والتحليل روايتي “الملف 42″، حيث تزامن ذلك مع وصولها إلى القائمة القصيرة للبوكر وشهر رمضان الكريم، فكانت ذكرياتها مميزة بحق”، مؤكدا في النهاية أن “الأمثلة التي ذكرها مرتبطة أكثر بالفضاء الافتراضي؛ لكنها تبقى وسيطا يشجع الآن على تنظيم فعاليات “واقعية”، تمنح رمضان بعدا معرفيا يستحقه، بعدما أغرقه طوفان الإعلانات والمسلسلات الدرامية في دوامة استهلاكية لا تليق بقدسيته”.
المصدر : هسبريس