سياسة وعلاقات دولية
فنانون مغاربة ينددون بـ”الحكرة” و”هضم الحقوق” تحت قبة البرلمان
كشفت مداخلات عدد من الفنانين في لقاء دراسي نظمه فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، صباح الثلاثاء، حول آفاق وحصيلة الحماية القانونية لحقوق المؤلف والفنان، عن أن القوانين التي تم سنها لحماية حقوق الفنانين والمؤلفين لا تزال “حبرا على ورق”، ويساهم عدم تطبيقها في تكريس وضعية الهشاشة التي يعاني منها الفنان المغربي، على المستويين المهني والاجتماعي.
ولم تفلح القوانين التي جرى سنّها، خاصة القانون المتعلق بالفنان والمهن الفنية وقانون حقوق التأليف والحقوق المجاورة، في الرقي بوضعية الفنان والمؤلف المغربي؛ بل إن بطاقة الفنان، التي استفادت من شطرها الأول شريحة من الفنانين، لم تكن ذات جدوى، في ظل غياب حماية الحقوق الأساسية للفنانين، أولا، حسب تعبير عدد من المتدخلين في الندوة.
اللقاء الدراسي، الذي غاب عنه وزير الثقافة والاتصال والشبيبة والرياضة، على الرغم من إدراج اسمه في البرنامج، كما غاب ممثله، كان بمثابة “منصة للمظالم” بثّ من خلالها عدد من الفاعلين في المجال الفني همومهم التي لخصها عبد الكبير الركاكنة، الممثل ورئيس الاتحاد المغربي لمهن الدراما، بقوله إن الفنان المغربي “يعيش وضعية صعبة”.
وعلى الرغم من أن المغرب وضع قانونا للفنان والمهن الفنية منذ سنة 2003، ونسخة ثانية من القانون نفسه سنة 2016، فإن الفنانين لا يزالون ينتظرون تفعيل هذا القانون، إذ لم يثمر أي أثر إيجابي على حياتهم المهنية إلى حد الآن، كما قال الركاكنة، مضيفا أن السلطات الحكومية لم تتمكن سوى من إصدار بطاقة الفنان، “التي تبقى بدون جدوى ما دام أنها لم تمكن من إدماج حاملها في صيرورة الإنتاج والاستفادة من الدعم، ولم تُلزم المنتجين باحترام قانون الفنان والمهن الفنية”.
إشكال عدم تفعيل قانون الفنان والمهن الفنية أمر واقع أكده مصطفى الإبراهيمي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، والذي قال إن التشريعات التي وضعت لحماية حقوق الفنانين والمؤلفين في مجال الحماية القانونية والاجتماعية تشوبها عدد من الثغرات والإشكالات.
من جهته، قال ياسين أحجام، رئيس جمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، إن هناك ارتباكا في تفعيل القوانين والمراسيم الخاصة بحماية حقوق الفنانين؛ ومنها النص التنظيمي لبطاقة الفنان، حيث لم يستفد عدد من الفنانين إلى حد الآن من البطاقة، ومنهم رواد.
كما أشار أحجام إلى عدم تطبيق العقد النموذجي، الذي قال إن تطبيقه كفيل بأن يضع حدا لعدد من الإشكالات التي تواجه الفنانين حاليا، باعتباره يحفظ حقوق الفنان والمنتج معا.
واعتبر الفنان المغربي، الذي سبق أن كان نائبا برلمانيا ضمن فريق حزب العدالة والتنمية، أن هناك تقدما على مستوى ضمان حقوق الفنان المتعلقة بفترة إنجاز الأعمال الإبداعية؛ لكن هناك تأخر على مستوى ضمان حقوق الاستغلال، مشيرا إلى أن أعمال الفنانين تُستغل لمدد زمنية طويلة، تزيد على عشرين عاما، دون أن ينالوا حقوقهم؛ وهو ما يقتضي، يردف المتحدث، “التفكير في صيغة لجبر ضرر الفنانين المتضررين الذين قضوا حياتهم في صيانة الذاكرة والهوية المغربية ولم ينالوا حقوقهم”.
ونادى الفنانون المشاركون في اليوم الدراسي بضمان كرامة الفنان، حيث قال عبد الكبير الركاكنة إن عددا من الفنانين المغاربة، وخاصة الرواد، “يعيشون وضعية هشة، ولا يمكن أن يتحمّلوا مزيدا من الانتظار”، داعيا إلى مراجعة قانون الفنان والمهن الفنية وملاءمته مع مدونة الشغل، لإزالة اللبس القائم بين علاقة الفنان والمنتج، وحل النزاعات التي تطرأ بينهما، وتوفير شروط عمل لائقة للفنانين.
عز الدين بونيت، رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، نبّه إلى أن الفن هو ركيزة أساسية للتنمية، ومحركا أساسيا للاقتصاد، حيث يحتل الاقتصاد الثقافي المرتبة الثالثة بعد التجارة والصناعة، على الصعيد العالمي، مبرزا أن الدول المتقدمة، كالولايات المتحدة الأمريكية، تضع بند الثقافة على قائمة بنود اتفاقيات التبادل الحر التي تبرمها مع دول أخرى.
واشتكى الفنانون المتدخلون في اليوم الدراسي من “هضم حقوقهم” من طرف المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية وشركات الاتصالات وغيرها، حيث قال المطرب نعمان لحلو في هذا الإطار “يجب على الهيئة العليا للاتصال المسعي البصري ألا تعطي أي تصريح لأي إذاعة حتى توفي بشرط ضمان أداء حقوق الفنانين، خاصة أن سبعين في المائة من الإذاعات تعيش بالموسيقى؛ لكنها لا تعوض الفنانين”، مضيفا “هذه حكرة”.