توصلت مصالح تدبير المخاطر الائتمانية لدى بنك المغرب بإشارات مقلقة من البنوك، بعد تنامي حجم المحجوزات عن عمليات تحصيل لديون معلقة الأداء بذمة منعشين عقاريين، ما ورط مؤسسات ائتمانية في مخزون ضخم من الأصول العقارية المادية غير قابل للاستغلال، في ظل ظروف السوق العقارية الحالية، المطبوعة بتراجع الطلب.
وكشفت مصادر مطلعة تسجيل البنوك المعنية ارتفاع هامش المخاطر المرتبطة بعدم الأداء لدى زبائنها من المنعشين العقاريين، بعدما اضطر بعضهم إلى توقيف أوراش مشاريع جراء ارتفاع أسعار المواد الأولية وتكاليف البناء، وكذا انسحاب شركاء، إضافة إلى أسباب أخرى مرتبطة بصعوبة الحصول على أصول جارية لتدبير المشاريع، حيث أنجزت مصالح الرقابة الداخلية لدى هذه المؤسسات الائتمانية تقارير حول وضعية هذه الفئة من الزبائن ومسار تطور القروض معلقة الأداء بذمتهم.
وأفادت المصادر ذاتها هسبريس بأن حجم المعروض من محجوزات البنوك عن ديونها غير المحصلة بذمة المنعشين العقاريين بالمحاكم التجارية للمملكة، عرف ارتفاعا، خصوصا بالمحكمة التجارية الدار البيضاء، موضحة أن مجموعة من المزادات جرى إلغاؤها بسبب عدم بلوغها الأثمنة الاسمية المحددة للعقارات، بالنظر إلى نقص السيولة وتباطؤ الطلب على العقار وحالة عدم اليقين التي عرفها قطاع التجارة منذ تفشي جائحة كورونا.
وأكدت مصادر هسبريس أن بنوكا اضطرت لإبرام عقود جديدة مع منعشين عقاريين مدينين لتجنب عمليات التحصيل عن طريق الحجز والبيع بالمزاد العلني، في محاولة لتحصين تمويلاتها عن طريق تنفيذ مخططات لإعادة هيكلة المشاريع، مع استفادتها من حصص ومساهمات في المشاريع الممولة، مشددة على أن هذه الطريقة أتاحت لها التحكم في سير مشاريع عقارية وضبط قيمة مبالغ القروض المفرج عنها، استنادا إلى مقاربة تدبير مخاطر صارمة.
وسجلت قيمة القروض الممنوحة من قبل البنوك للمنعشين العقاريين تراجعا بـ2 في المائة بين دجنبر ويناير الماضيين، وفق الإحصائيات الصادرة عن بنك المغرب، إذ استقرت قيمة هذه القروض عند 52.5 مليار درهم، أي بانخفاض قيمته مليار و92 مليون درهم، فيما تراهن بنوك على برنامج الدعم المباشر للسكن من أجل تحفيز الطلب في السوق العقارية، وإخراج مجموعة من أوراش المشاريع من جمودها.
وشددت مصادرنا في هذا السياق على استعانة مجموعة بنكية، راكمت مخزونات من محجوزات العقارات، بمكتب استشارة مالي شهير، من أجل مدها بحلول لـ”تسييل” الأصول العقارية التي بمحفظتها، وتحويلها إلى سيولة مالية قابلة للاستغلال والاستثمار، في ظل الضغط المتنامي على السيولة البنكية، مؤكدة أن هذه المجموعة أخضعت مشاريع موضوع تمويل من قبلها لإعادة تقييم، بعد توقيف دفعات القروض المبرمجة بشكل مفاجئ، بسبب تصاعد حجم المخاطر المرتبطة بها.
يشار إلى أن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، لمح على هامش الاجتماعي الفصلي للمجلس الإداري للبنك المركزي المنعقد مؤخرا إلى إمكانية إخراج إطار تشريعي ينظم نشاط السوق الثانوية للقروض معلقة الأداء، حيث ما زال المشروع بين يدي الأمانة العامة، ومحل دعم تقني من قبل الشركة المالية الدولية “SFI”، فرع البنك الدولي.
المصدر : هسبريس