ثقافة وادب وفنونسلايد 1

“مكتبة الشّافعي”.. مبادرة تفك العزلة الثقافية عن قرية أولاد حمزة

بعيدا عن المركز وإشعاعه، رأتِ النّور في قلب دوار أولاد حمزة، ضواحي قلعة السراغنة، مكتبةٌ تقصدُ فكّ العزلة الثقافية عن المنطقة، بتقريب المعارف والإبداع من أطفالها، وتشجيعهم على القراءة.

“مكتبة الشّافعيّ” يأمل مؤسّسها الكاتبُ والنّاقد المغربيّ محمد اشويكة أن تصير موئلا للأطفال يقرّبهم من الكتب، في ظلّ غياب أيّ مرفق ثقافيّ أو شبابيّ موازٍ بالمنطقة.. “حتى لا يتكرّر ما وقع لنا؛ فقد كانت أوّل كتب رأيناها في طفولتنا هي الكتب المدرسية عند ولوجنا المدرسة”، يقول الكاتب.

ولم تر هذه المبادرة الثقافية النّور إلا بعد إصرار يستعيده اشويكة في حديثه مع هسبريس قائلا: “بُنِيَت المكتبة في إطار سياسة وزارة الثقافة في دعم إحداث وتنشيط المكتبات التجارية..قدّمت مشروع هذه المكتبة سنة 2016، ورُفِضَ ثلاث مرّات من لجنة انتقاء المشاريع، وبإصرار ورغبة جدّدت بعد كلّ رفض وضع طلب الدّعم”.

ولم تكن هذه العراقيل الوحيدة التي وجدها اشويكة في طريق تأسيس “مكتبة الشافعي”؛ بل يتذكّر معاناته من شروط قائد سابق حتى يحصل على الرّخصة الإدارية، قبل أن يزيد: “المشروع تحقّق الآن وهو جائز للفتح تحت يافطة تجارية، بعدما أخذت الوعاء العقاري من والدي، وبمساعدة أخي”.

ورغم طبيعة المكتبة التّجاريّة، يؤكّد المتحدّث أنّ هدفها ليس ربحيا، موردا: “المكتبات التجارية مأزومة في المغرب، وتعيش من الكتاب المدرسي، وهدفي ألا يتكرّر ما حدث في طفولتي عندما لم أر كتابا إلى أن دخلت المدرسة”، ويضيف: “أريد أن يرى الأطفالُ الكتبَ ويمسّوها”.

العرفان بجميل المنطقة بالإسهام في تنميتها ثقافيا حاضر أيضا في تسمية المكتبة، إذ يقول المتحدّث: “دوارنا كان يسمّى دوار الطلبة، وكان مليئا عن آخره بالكتاتيب القرآنية، وسميت المكتبة بالشافعي تيمنا بجدّي الذي كان من كبار فقهاء المنطقة”.

وتمتلئ هذه المكتبة بكتب اقتناها مؤسِّسها أو أحضرها من مكتبته الشخصية، ويأمل أن يجد مستقبلا شخصا مياوما ليُشرِف عليها، “ليس للبيع والشراء، بل ليدخل الأطفال ويروا الكتب ويقرؤوها بنظام الإعارة”.

وتحضر بالمكتبة كتب أدبية مِن قصص، وشعر، وروايات، ودراسات نقدية وأدبية، وكتب فكر وفلسفة وعلوم إنسانية، مع كتب أطفال، وكتب فنية، وكتب باللغة الفرنسية، ومجلات متنوعة فكرية ثقافية إبداعية، وبعض الكتب القانونية.

ويقول اشويكة في هذا السياق: “رُكِّزَ في المكتبة على الفكر والعلوم الإنسانية والإبداع والفنّ؛ لأنّ كتب السينما والتشكيل والمسرح في الطفولة تحلمُ بها دون أن تراها”.

ولا يطمح محمد اشويكة أن تظلّ “مكتبة الشافعي” مرتعا للكتب فقط، بل يأمل أن تصير مركزا ثقافيا، عندما تخِفّ وطأة الوباء.

ويقول المتحدّث في هذا السياق: “اعتدنا أنّ الكُتَّاب لا يذهبون إلا للأماكن الكبيرة، وأريد أن أُحضِرهم إلى هنا”، ويزيد: “لذا أعمل من أجل وضع برنامج تنشيطي ليلتقي أطفال المنطقة بكتاب وفنانين ويستفيدوا من ورشات”.

“مكتبة الشافعي” ليستِ المشروع الثّقافيّ الوحيد الذي يحمله اشويكه لقريته، بل وضع تصوّر “مشروع قاعة متعددة الاختصاصات تعرض فيها أفلام وتنظّم فيها أنشطة”، يقول في حديثه عنها: “عند التقييم وجدتُ أنّ هذا لا يتطلب الكثير، ويمكن تحقيقه بالإرادة وإمكانيات مادية بسيطة، وعندي عزيمة لإكماله والسير به إلى أن يكبر”.

ويجدّد محمد اشويكة باستمرار التأكيد على عدم حضور الهاجس التجاري في أهداف تأسيس هذه المكتبة، قبل أن يجمل قائلا: “إذا مرّ أي طفل بجانبها، ودخل لمدّة عشر دقائق، فهذا هو الهدف”.

المصدر: هسبريس

إغلاق