سياسة وعلاقات دولية
الملك: ضعف التقائية السياسات العمومية يفاقم الفوارق الاجتماعية
دعا الملك محمد السادس إلى تكثيف الجهود من أجل النهوض بأوضاع الطفولة، باعتبارها عماد المجتمع وقاطرة المستقبل، من أجل تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة.
وأكد الملك محمد السادس، في الرسالة الموجهة إلى الدورة الأولى للمناظرة الوطنية للتنمية البشرية، المنعقدة بمدينة الصخيرات، اليوم الخميس، أن التصور الجديد للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية يجعل من الاستثمار في الجوانب اللامادية للرأسمال البشري أولية الأولويات.
وأضاف أن جعل هذا الجانب يحظى بالأولوية، ينطلق من كونه منطلق الاصلاح، وقاعدة بناء المستقبل، داعيا إلى تعميم هذا التوجه في بلورة وتنفيذ السياسات العمومية الاجتماعية، من أجل إيجاد حلول ناجعة للمشاكل الحقيقية للساكنة، من خلال اختيار أفضل المقاربات، وابتداع أنجع السبل الكفيلة بتجاوز معيقات التنمية البشرية الشاملة.
وتتمحور المناظرة الأولى للتنمية البشرية، حول موضوع “تنمية الطفولة المبكرة، التزام من أجل المستقبل”، وتعرف مشاركة عدد من المسؤولين المغاربة، والخبراء للدوليين.
وقال الملك محمد السادس، في الرسالة الموجهة إلى المناظرة، إن اعتماد هندسة جديدة تروم النهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، في المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، يأتي بعد تقييم دقيق وشامل للمرحلتين الأولى والثانية، بهدف تعزيز المكاسب وإعادة توجيه البرامج.
ويرتكز مشروع النهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، حسب ما ورد في الرسالة الملكية، على التصدي المباشر، وبطريقة استباقية، للمعيقات الأساسية التي تواجه التنمية البشرية للفرد طيلة مراحل نموه، وكذا دعم الفئات في وضعية صعبة، وإطلاق جيل جديد من المبادرات المحدثة لفرص الشغل، وتطوير الأنشطة المدرة للدخل.
الملك محمد السادس شدد، في رسالته، على أن الاستثمار في الجوانب اللامادية للتنمية البشرية، والذي يعتبر الطفولة المبكرة أحد محاوره الأساسية، يشكل المنطلق الحقيقي والقاعدة الأساسية لبناء مغرب الغد، وأحد التحديات الواقعية المراهن على كسبها، من أجل فتح آفاق واعدة، وتوفير فرص جديدة أمام الأجيال الصاعدة.
وفي مقابل التنويه بما حققته المملكة في مجال الاهتمام بالطفولة المبكرة، من خلال تقليص نسبة للوفيات لدى الحوامل والأطفال، وكذا نسبة تأخر النمو وتحسين التغذية والاستفادة من التعليم الأولي والخدمات الصحية لهذه الفئة، دعا الملك إلى تدارك بعد النواقص التي تسم العمل في هذا المجال.
وقال في هذا الإطار إن الواقع لا يزال يعرف عجزا ملموسا على هذا المستوى، بفعل ضعف التنسيق في إعداد السياسات العمومية، وغياب الالتقائية والانسجام في التدخلات، والذي تزيد الفوارق المجالية والاجتماعية والاقتصادية من حدته.
الملك اعتبر هذه الوضعية “مزمنة”، وقال إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بحكم الطابع الأفقي لتدخلاتها، ودورها كرافعة أساسية للتنمية الاجتماعية، تعتبر نموذجا يحتذى لتوحيد مختلف الجهود، وتعزيز المسار التشاركي على المستوى الترابي، وتنسيق السياسات العمومية، في اطار استراتيجية محكمة المراحل، متعددة الواجهات، متكاملة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية.
واعتبر الملك أن من شأن التفعيل العملي والجيد للبرنامج المتعلق بالطفولة المبكرة، التي تعد مرحلة مفصلية في حياة الفرد، التصدي لعوامل التفاوتات، من خلال استهداف دقيق للفئات المعنية المتحدرة من الأوساط الفقيرة والمعوزة.