في سياق التوسع المتسارع للفضاء الرقمي، وما يطرح من تحديات على مستوى التوفيق بين ضمان حرية مستعملي هذا الفضاء، من جهة، وضمان عدم المس بحقوق الآخرين وصيانة أمن المجتمع والدولة، من جهة ثانية، خصصت وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) ندوة دولية حول حقوق الإنسان والتحدي الرقمي.
خلال الجلسة الافتتاحية للندوة التي شهدت حضور ثلة من المسؤولين والمهتمين والباحثين، قال المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، إن الاستعمال المتزايد للتكنولوجيا الرقمية يفتح العديد من الآفاق والفرص الواعدة في مختلف المجالات؛ غير أنه يطرح أيضا عددا من التحديات وكذا المظاهر المنتهكة لحقوق الإنسان.
ونبه الرميد إلى أن المنافع المكتسبة من استخدام التكنولوجيا الحديثة وازتْها أيضا عدد من المظاهر المنتهكة لحقوق الإنسان، من قبيل خطاب التمييز والكراهية والعنصرية والتحريض وانتهاك الخصوصية. كما أن استخدامها، يضيف الوزير، أدى إلى رفع منسوب الخطر المحذق بأمن واستقرار الدول ورفاهيتها وحماية القيم الجوهرية لمجتمعاتها وأفرادها.
وأكد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، في كلمته التي بُثت عن بعد، أن المظاهر السلبية لاستعمال التكنولوجيا الحديثة يطرح إشكالات وتحديات على كافة المجتمعات تستوجب أن يكون هذا التحول الرقمي مصحوبا بمستوى عالٍ من الوعي، وبترسانة قانونية صلبة وممارسات جيدة، تتيح الاستفادة منه بشكل أفضل.
وأكد المتحدث ذاته أن موضوع التحول الرقمي يكتسي أهمية بالغة، بالنظر إلى التطور المتسارع للفضاء الرقمي، وأن المغرب يحظى باهتمام خاص من طرف المغرب، نظرا لكون ما تتيحه هذه التكنولوجيا واستعمالاتها من انفتاح في مجال تعزيز الحقوق المدنية والسياسية وتيسير التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وترسيخ الحكامة الجيدة “ينسجم والخيارات الوطنية المؤطرة لنموذج المجتمع الديمقراطي المبني التعددية وتسوده دولة القانون والمؤسسات، كما هو منصوص عليه في دستور المملكة”.
وأشار الرميد إلى أن المغرب راكم تجربة مهمة في مجال تعزيز الإطار المؤسسات والتشريعي المتعلق بالتحول الرقمي، حيث تم إحداث اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي سنة 2009. وفي سنة 2017، تم إحداث وكالة التنمية الرقمية المكلفة بمهمة تنفيذ الإستراتيجية الحكومية في مجال التنمية الرقمية وتشجيع نشر الوسائل الرقمية وتطوير استخدامها.
وفي الشق التشريعي، أبرز المسؤول الحكومي أن المغرب عزز ترسانته التشريعية بالعديد من النصوص القانونية المهمة، حيث اعتمدت المملكة في سنة 2018 القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، معتبرا أن هذا القانون “يشكل تجسيدا للضمانات الدستورية والالتزامات الدولية ذات الصلة”، فضلا عن اعتماد القانون المتعلق بالأمن السيبراني، سنة 2020.
وفيما تزداد المخاطر والتحديات التي يطرحها الاستعمال المتزايد للتكنولوجيا الحديثة، أكد الرميد أن التدبير الناجع لممارسة الحقوق والحريات في الفضاء الرقمي يستوجب الحرص على التكييف المستمر لطرق وأساليب هذا التدبير في إطار من التعاون بين مختلف الأطراف المعنية، من أجل تأطير الاستعمال السليم لهذه التكنولوجيا، منبها إلى ضرورة “الحرص على أن يبقى التمكين من التمتع بالحق هو الأصل، وأن يكون التقييد هو الاستثناء”.
المصدر: هسبريس