بإمكان المغرب أن يرفع إنتاجه الإجمالي من الحبوب بحوالي 18 مليون قنطار، في حال تم اعتماد تقنية الزرع المباشر في مجموع المساحة المزروعة على امتداد التراب الوطني.
وتفيد توقعات وزارة الفلاحة للموسم الحالي بأن الإنتاج الوطني من الحبوب سيناهز 98 مليون قنطار من الحبوب؛ وهي كمية غير كافية للاستجابة للطلب المحلي، ولذلك يتم استيراد ما يلزم من الخارج كل سنة.
وحسب المعطيات التي قدمها المهندسون الزراعيون ضمن برنامج الزرع المباشر لمبادرة “المثمر” التي أطلقتها مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط قبل سنتين، فإن هذه التقنية ستساهم في الحفاظ على الأمن الغذائي للمملكة.
جاء ذلك في ندوة صحافية نظمت اليوم عن بعد، جرى خلالها تقديم نتائج المنصات التطبيقية لتقنية الزرع المباشر للموسم الفلاحي 2020-2021، حيث كشفت أن إمكانيات رفع الإنتاجية ممكنة ومتاحة بفضل هذه التقنية.
وتندرج هذه التقنية في إطار البرنامج الوطني للزرع المباشر الذي أطلقته مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) خلال الموسم الفلاحي 2019-2020، بهدف دعم اعتمادها على المستوى الوطني كأداة رئيسية لتطوير فلاحة مزدهرة ومستدامة ومرنة وقادرة على مواجهة تأثير التغيرات المناخية.
ومن خلال هذا البرنامج، تؤكد مجموعة (OCP) التزامها الدائم بالمساهمة في رفع تحديات المناخ وتحقيق هدف الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، بحيث تعتبر تقنية الزرع المباشر من الركائز التي يمكن من خلالها الوصول إلى هذا الهدف.
وقالت سميرة بارزوق، منسقة برنامج “المثمر” في المنطقة الشمالية، إن تقنية الزرع المباشر تقوم على وضع البذور والأسمدة مباشرة فوق الأرض بدون تهيئة الفراش، وهي تندرج في إطار الزراعة الحافظة ذات الميزات البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
وذكرت بارزوق، ضمن الندوة الصحافية، أنه في إطار دعم وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات لنظام الزرع المباشر تحرص مجموعة (OCP) على المساهمة في تسريع تبني هذا النظام من خلال التعاون مع الشركاء المؤسساتيين والتنظيمات المهنية والفلاحين من خلال برنامج الزرع المباشر الذي انطلق في موسم 2019-2020 كمرحلة أولى.
ومنذ انطلاقه، حقق برنامج الزرع المباشر نتائج جيدة؛ فخلال الموسم الفلاحي الحالي تم وضع 40 بذارة للزرع المباشر رهن إشارة التنظيمات المهنية مع مواكبة عن قرب، من خلال حملات تحسيسية لفائدة الفلاحين والفلاحات في التعاونيات والجمعيات بأهمية تبني هذا النظام الذي يتيح رفع المردودية والحفاظ على الموارد الطبيعية.
كما جرى، خلال الموسم الفلاحي الحالي، تنظيم دورات تكوينية في المكننة لفائدة سائقي جرارات التنظيمات المهنية. كما أنجزت 700 منصة تطبيقية لإبراز نتائج اعتماد الزرع المباشر للحبوب مقابل الزرع العادي.
وضمن المرحلة الثانية من برنامج الزرع المباشر تم استهداف 18541 هكتارا من المساحات المزروعة بالحبوب، مقابل 10 آلاف هكتار في المرحلة الأولى، حيث بلغ عدد المستفيدين في الموسم الفلاحي الحالي حوالي ثلاثة آلاف فلاح في 23 إقليما عبر 40 تنظيما مهنيا.
وتشير المعطيات التي قدمتها بارزوق إلى أن معدل إنتاجية الحبوب على الصعيد الوطني في منصات الزرع المباشر ناهز 4102 كيلوغرام في القنطار الواحد، مقابل 3467 كيلوغراما في منصات الزرع العادي، أي بزيادة ناهزت 635 كيلوغراما (6,35 قنطارا إضافيا).
أما معدل الإنتاجية البيولوجية، فقد ناهزت في منصات الزرع المباشر حوالي 9980 كيلوغراما، مقابل 8149 كيلوغراما في الهكتار في حقل الزرع العادي؛ وهو ما يمثل زيادة في الإنتاجية البيولوجية بحوالي 1831 كيلوغراما في الهكتار (18,31 قنطارا إضافيا).
وباحتساب المساحة المستهدفة بتقنية الزرع المباشر خلال الموسم الفلاحي الحالي البالغة حوالي 18451 هكتارا، فإن إنتاجية الحبوب الإضافية بفضل هذه التقنية تناهز حوالي 117 ألفا و735 طنا.
وقالت سميرة بارزوق إنه في حالة اعتماد تقنية الزرع المباشر في المساحة الإجمالية لزراعة الحبوب في المغرب، المقدرة بـ3 ملايين هكتار، سيرتفع إنتاج الحبوب وطنيا بحوالي 18 مليون قنطار؛ وهو ما سيدعم في الأمن الغذائي للبلاد، إضافة إلى توفير العلف والمحافظة البيئة واقتصاد التكاليف.
ويقوم نظام الزرع المباشر على التقليل إلى أدنى حد من تقليب التربة من خلال استخدام بذارات بدون حرث للحفاظ على التربة والمياه والمساهمة في تطوير الحياة الميكروبية في التربة.
وبموجب هذا النظام، يتم تنويع المحاصيل من خلال اعتمادات دورات تتكيف مع السياسات الزراعية المناخية والسوسيو اقتصادية؛ وهو ما يمكن من حماية التربة والحفاظ على المزيد من المياه من خلال مخلفات المحاصيل السابقة.
وعلى عكس نظام الزرع التقليدي الذي يشجع على انبعاث الكربون من التربة، فإن تقنية الزرع المباشر، وهي إحدى ركائز الزراعة المحافظة على الموارد، تساعد على مكافحة الاحتباس الحراري من خلال تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
ويتحقق الهدف سالف الذكر من خلال تقليل استهلاك الوقود من خلال الجرارات، إذ لا يحتاج الزرع المباشر إلى القيام بأعمال حرث كثيرة. كما تساهم التقنية في عزل الكربون الحيوي، حيث تقوم التربة بامتصاص الكربون من خلال المساهمة في إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي بواسطة النباتات وتخزين الكربون الثابت في المادة العضوية للتربة.
وباحتساب المساحة الإجمالية المستهدفة بتقنية الزرع المباشر خلال موسمي 2019-2020 و2020-2021، فإن التزام الفلاحين عبر برنامج المثمر مكن من حبس أكثر من 4350 طنا من الكربون.
المصدر: هسبريس