أخبار
استمرار التوترات يبقي سباق التسلح بين المغرب والجزائر في سنة 2024
في إطار سباق التسلح المستمر بين المملكة المغربية والجزائر، وتزايد النفقات العسكرية لكلا البلدين، خاصة في السنوات الأخيرة؛ من المقرر أن تبلغ ميزانية الدفاع الجزائرية حوالي 22 مليار دولار، حسب مشروع قانون مالية هذا البلد برسم السنة المقبلة، رغم الانتقادات الداخلية التي تطال صفقات التسلح التي تبرمها الجزائر والأموال الضخمة التي تنفقها على حساب متطلبات التنمية والاحتياجات الضرورية للشعب الجزائري.
من جهته، رفع المغرب من ميزانية الدفاع في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2024 إلى حوالي 124 مليار درهم، وهو رقم يرى متتبعون أنه “مقبول وعادي” بالنظر إلى حجم التحديات والمخاطر الأمنية التي تعرفها المنطقة، مسجلين أن الرباط تتسلح من منطلقات دفاعية محضة وليست هجومية، ومستبعدين في الوقت ذاته قيام أي مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين اعتبارا لمجموعة من العوامل التي تضعف هذه الفرضية.
محمد عصام العروسي، مدير مركز منظورات للدراسات الجيو-سياسية والإستراتيجية، قال إن “سباق التسلح المغربي الجزائري أصبح محموما خلال السنتين الأخيرتين، خاصة من جهة الجزائر، حيث أضحى السمة المميزة لتوتر العلاقات بين البلدين والقطيعة الدبلوماسية بينهما سنة 2021″، مسجلا في هذا الصدد أن “الإنفاق العسكري الجزائري تضاعف منذ هذه القطيعة مع المغرب”.
وأضاف العروسي أن “هذا السلوك يتماشى مع طبيعة التوتر بين البلدين وحالة التقاطب في المنطقة، ذلك أن طبيعة الصراع السياسي بينهما يحتاج معها كل طرف إلى أن يتوفر على آليات وأدوات الردع العسكري”، لافتا إلى أن “الجزائر تعلم حقيقة أن المغرب له تحالفات قارة ومؤثرة، وبالتالي فهي تحاول أن تحقق توازنا من خلال التسريع في وتيرة تسلحها”.
وأوضح المتحدث عينه أن “المغرب هو الآخر يقوم بتنويع وارداته من الأسلحة، ومن دول مختلفة، ويؤكد على نظرية الأمن القومي والتشديد على حماية الحدود، كما يقوم بمجهودات كبيرة لتطويق الخطر والتصعيد الجزائري والأخطار الأخرى المحدقة بالمنطقة في ظل ما تعانيه من انفلات أمني ونشاط للحركات الإرهابية في الساحل”.
واستبعد العروسي قيام مواجهة عسكرية بين المغرب والجزائر، نظرا لوجود أولويات وتعقيدات وأزمات في الوقت الحالي، على غرار الأزمة في ليبيا والساحل والشرق الأوسط، موردا أن “هذه الملفات الهامة تجعل قيام أي مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين أمرا مستبعدا”.
وخلص المحلل ذاته إلى أن “الإنفاق العسكري المغربي يوجد في مستويات معتدلة ومقبولة، مقارنة مع الجزائر التي تنفق ميزانيات مبالغا فيها، بالنظر إلى احتياجات الشعب الجزائري ومتطلباته التنموية”، مؤكدا في الوقت ذاته أن “المغرب يتسلح من منطلقات دفاعية وليست هجومية، فيما تعقد الجزائر صفقات ضخمة إرضاء لبعض الدول ولتصيد هامش الفساد في هذه الصفقات من طرف القائمين على مؤسستها العسكرية”.
من جهته قال وليد كبير، صحافي جزائري معارض، إن “الجزائر تتسلح لكي تتقاسم العصابات الحاكمة داخل النظام كعكة الصفقات مع القوى الدولية التي تدعمها”، مسجلا أن “ما يقوم به النظام الحالي في هذا الإطار أفظع مما كان يقوم به زمن حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة”.
ولفت المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، إلى أن “الرفع المهول والمستمر لميزانيات الدفاع يخدم بالأساس المصالح الضيقة للنظام الجزائري وداعميه، ولا يخدم بأي شكل من الأشكال الأمن القومي الجزائري والأهداف المعلنة كتطوير الجيش الوطني الشعبي”، مستبعدا هو الآخر أن تقدم الجزائر على الدخول في حرب مع المغرب، لأن “أي خطوة من هذا القبيل ستؤدي إلى نهاية النظام الجزائري بسبب هشاشة الوضع الداخلي في البلاد؛ ثم إن هذا النظام لا يمتلك قرار الحرب، كونه مجرد نظام وظيفي في يد قوى كبرى تستخدمه لخدمة أجندتها في المنطقة لا أقل ولا أكثر”.