سياسة وعلاقات دولية
أحرشان: عودة النقاش حول الملكية البرلمانية رصاصة الرحمة على كل العرض السياسي لما بعد 2011
عمر أحرشان: أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض
عودة النقاش حول الملكية البرلمانية، وخاصة عند جزء من النخبة التي وقعت شيكا على بياض بعد 2011، مؤشر على استفاقة متأخرة، لكنها ضرورية على كل حال. لم تمر لحد الآن مدة طويلة حتى اكتشفوا أن النظام السياسي بشكله الحالي مجرد ملكية تنفيذية بعيدة كل البعد عن الملكية البرلمانية كما هي متعارف عليها عالميا، والاستجابة كانت دون مستوى مطالب الحراك الشعبي حين طالب بنظام ديمقراطي.
عودة المطالبة بتغيير طبيعة النظام السياسي هي بمثابة رصاصة رحمة على كل العرض السياسي لما بعد 2011، وإيذان بفشل خيار سياسي راهن على الإصلاح عن طريق تقديم التنازلات بحثا عن الثقة الملكية، فلم ينل هذه الثقة، وخسر معها دعم الشارع، وأسهم، من حيث يدري أو لا يدري، في تراجع حقوقي وتغول سلطوي ومعاناة اجتماعية وتصاعد الريع.
قلنا منذ 2011 إن النص الدستوري الذي احتفى به البعض، وظنه «ملكية ثانية»، هو التفاف ومناورة على مطالب الحراك الشعبي، لأنه يناقض مقتضيات الملكية البرلمانية ومقتضيات أي نظام ديمقراطي، لأنه حافظ على سلطة تشريعية وتنفيذية برأسين، ولم يربط ممارسة السلطة بالخضوع للمسؤولية في ما يخص الملك الذي يتمتع باختصاصات كثيرة في التعيين والإعفاء وصناعة القرار، ولم يُشَرع فصل السلط، لكنه رسخ تراتبيتها، وأعطى المكانة العليا للملك الذي جعله فوق السلط، وعمليا هو مصدرها، لذلك وجدنا الفائز بعد انتخابات 2016 يقرن بين الثقة الشعبية والملكية، ويجعلهما في مرتبة واحدة، إن لم أقل يجعل السمو للثقة الملكية، وميز الدستور كذلك بين الاختصاصات الاستراتيجية التي وضعها في يد الملك وحده والاختصاصات التدبيرية التي جعلها من اختصاص الحكومة، وغالبا تحت مراقبة الملك، وهو ما نص عليه الدستور في السياسة العامة التي هي اختصاص للمجلس الوزاري (ف 49)، والسياسات العمومية التي هي اختصاص للمجلس الحكومي(ف 92)، وحتى البرلمان فهو يراقب الحكومة فقط، وليس الملك، ويقيم فقط السياسات العمومية وليس السياسة العامة (ف70)، رغم أن مجال تدخل الملك واسع، ويشمل سياسات عمومية بالمفهوم المتعارف عليه في علم السياسة، ويجب أن يخضع للمحاسبة.
توسيع النقاش حول طبيعة النظام إيجابي دون حصر مخرجاته في الدستور فقط، لأن هذا الأخير تعبير عن ميزان قوى، لذلك، فالخطوة الأولى هي توسيع وتوحيد جبهة المطالبين بفتح هذا النقاش، وجعله عموميا على مرأى ومسمع من هذا الشعب، ودون خطوك حمراء أو سقوف مسبقة، والكلمة الأولى والأخيرة للشعب الذي يجب أن يكون سيد قراره ومصدر كل السلط.