سياسة وعلاقات دولية
دركي جديد” داخل البنوك يجذب الاستثمارات ويعزز الثقة في الاقتصاد المغربي
دخلت منظومة الاحتراز وتدبير المخاطر في البنوك مرحلة جديدة بتفعيل منشور عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، الذي يمدد الدورية رقم 5/W/2018، التي تحدد كيفية عمل لجنة المخاطر الإلزامية داخل المؤسسات الائتمانية؛ فيما أحدث القرار الجديد ما يشبه “الدركي” داخل هذه المؤسسات، بمهام متعددة، تشمل الفحص والموافقة على السياسات والإجراءات الخاصة بتدبير المخاطر الائتمانية، والسوقية والتشغيلية، وكذا السيولة، والفائدة، وعمليات غسيل الأموال.
وأصبح لزاما على البنوك والمؤسسات الائتمانية تأسيس لجان متخصصة ودائمة، تتبع مباشرة إلى مجالسها الإدارية، مكرسة لمتابعة ومراقبة جميع المخاطر، فيما تتمثل مهامها الرئيسية في تقديم النصح للإدارة بشأن إستراتيجيات المخاطر، واستعراض السياسات المتعلقة بها ورغبة المؤسسة في المخاطر المحددة، أي المستويات المقبولة من المخاطر، وذلك وفقا للهوامش المسموح بها في التشريعات المنظمة.
ويهدف الإطار التنظيمي الجديد إلى تحسين تدبير المخاطر بشكل فعال، في عالم مالي متغير بسرعة، يتميز بتعقيد المنتجات الائتمانية وظهور مخاطر جديدة، إذ يرتقب أن يخدم مصلحة البنوك المغربية، التي يجب عليها تعزيز قدرتها على التعافي مع الاستفادة من الفرص التنافسية في سياق تنافسي محتدم؛ فيما يكرس القرار رقم 346-22 أهمية ثقافة المخاطر القوية والحكامة الصحية داخل المجالس الإدارية للبنوك، حيث سيكون بمثابة رافعة لتعزيز قدرات المنافسة لدى الفاعلين الأكثر اندفاعا واستعدادا.
تدبير المخاطر
تقدم “لجنة المخاطر” الاستشارة لجهاز الإدارة في ما يتعلق بتحديد إستراتيجيات المخاطر، ولهذا الغرض تقوم بفحص الإستراتيجيات المتعلقة بالمخاطر على أساس مجمع، وكذا حسب نوع المخاطر التي قد تتعرض لها، خصوصا مخاطر الائتمان ومخاطر السوق والمخاطر التشغيلية ومخاطر السيولة ومخاطر سعر الفائدة.
وبالنسبة إلى سليم شهابي، مستشار بنكي، فإن إحداث لجنة لتدبير المخاطر في البنوك يعتبر خطوة ضرورية وحيوية في تعزيز الحكامة الاحترازية وتحسين إدارة المخاطر في القطاع البنكي، موضحا أن “فرض إلزامية هذا النوع من اللجان في المؤسسات الائتمانية يساهم في تعزيز الثقافة الاحترازية داخل البنوك، حيث يتم تعزيز الوعي بأهمية التحكم في المخاطر وتفهمها بشكل أفضل من قبل جميع المعنيين داخل المؤسسة”.
وأضاف شهابي، لهسبريس، أن “لجنة تدبير المخاطر تساهم أيضا في تحسين الإدارة الاحترازية داخل البنوك، من خلال توفير هيكلية واضحة وآليات فعالة للتعامل مع المخاطر بشكل متقدم ومنهجي، إضافة إلى دورها في تعزيز الشفافية والمساءلة داخل المؤسسات الائتمانية، حيث توفر آليات لرصد وتقييم المخاطر بشكل دوري وتقدم تقارير شفافة لإدارة المؤسسة والمساهمين”، مشددا على “أهمية هذه اللجنة في تقليل المخاطر المالية، من خلال تحليل المخاطر واتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل معها، بما يقلل من احتمالات حدوث خسائر مالية للبنوك، ويساهم في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي”.
ويراهن الإطار التشريعي الجديد على مساعدة البنوك من أجل تحقيق الامتثال التنظيمي من خلال لجنة المخاطر، إذ يتم توفير هيكلية تنظيمية تساعد على الامتثال للتشريعات والتوجيهات الرقابية؛ فيما يؤدي وجود هذه اللجنة إلى تعزيز الثقة العامة في القطاع البنكي، عبر توفير آليات فعالة للتعامل مع المخاطر وحماية مصالح المودعين والمساهمين.
جذب الاستثمارات
حدد منشور والي بنك المغرب مجموعة من الاختصاصات للجنة المخاطر، أهمها إجراء على الأقل مرة في السنة سياسات المخاطر ونظام تقبل المخاطر لمؤسسة الائتمان، وفحص نتائج اختبارات الضغط المنجزة بانتظام، والسهر على أخذها في الاعتبار عند تحديد مستوى تقبل المخاطر، وإجراءات تقييم مدى ملاءمة الأموال الذاتية، وكذا تخصيص الأموال الذاتية والسيولة ورؤوس الأموال، إضافة إلى تزويد الإدارة بآراء حول مستوى تقبل المخاطر الحالي والمستقبلي لمؤسسة الائتمان، وفحص مدى تنفيذ جهاز الإدارة تصريح تقبل المخاطر، ورفع تقرير حول ثقافة المخاطر داخل مؤسسة الائتمان.
وأوضح محمد يازيدي شافعي، خبير اقتصادي، أن إحداث لجنة لتدبير المخاطر في البنوك “من شأنه التأثير بشكل إيجابي على الاقتصاد المغربي بعدة طرق، أهمها تعزيز الثقة الاقتصادية، من خلال وجود لجنة مختصة في إدارة المخاطر في المؤسسات الائتمانية، بما يرفع ثقة المستثمرين في النظام البنكي بشكل عام، ما يؤدي إلى زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية في المملكة، ويدعم نمو الاقتصاد”.
وأضاف يازيدي شافعي، في تصريح لهسبريس، أن “تأثير لجنة المخاطر يمتد أيضا إلى تحسين الاستقرار المالي من خلال إدارة المخاطر بشكل أفضل، حيث يمكن للبنوك تقليل احتمالات وقوع خسائر مالية كبيرة، ما يساهم في تحسين التوازنات المالية للمملكة، ويجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين”، مؤكدا أن “مثل هذا النوع ن اللجان يعزز كذلك الشفافية والمساءلة عبر تزويد البنوك بآليات فعالة لإدارة المخاطر وتعزيز مسؤوليتها تجاه المساهمين والجهات الرقابية، بما يمكن أن يحسن الثقة في القطاع البنكي”.
وتتكلف لجنة المخاطر أيضا، في إطار الرقابة التي قد تتعرض لها المؤسسة، بالرقابة على تنفيذ الإستراتيجيات المتعلقة بكل المخاطر التي قد تتعرض لها، كما تمت الموافقة عليها من لدن جهاز الإدارة، وتقييم جودة نظام قياس المخاطر والتحكم فيها ورقابتها، والتأكد من الحفاظ على مستوى المخاطر التي قد تتعرض لها مؤسسة الائتمان في الحدود التي حددها جهاز التسيير طبقا لمستوى تقبل المخاطر المحدد من لدن جهاز الإدارة.
ويكلف منشور والي بنك المغرب اللجنة بفحص، على الأقل مرة في السنة، الاحتياجات من الأموال الذاتية على أساس مخاطر مؤسسة الائتمان والتقييم الذي أنجزه جهاز التسيير حول مدى فعالية إجراءات تقييم ملاءمة الأموال الذاتية الداخلية مع احتياجات مؤسسة الائتمان