أخبارشؤون دينية
عظماء ولدوا في رمضان.. العالم “المغربي” الذي أنشأ المجامع العلمية وأسس العلوم العربية الحديثة
يشهد التاريخ في مراحله المتعددة الكثير من الشخصيات والقادة المسلمين البارزين، الذين قدموا إسهامات عديدة في العلوم الفقهية والعلمية التي أثرت تأثيرًا مباشرًا في تقدُّم المسلمين والبشرية.
ولد العالم الكبير عبدالقادر المغربي في رمضان عام 1284 هـ في مدينة طرابلس الشام، وانتقلت أسرته إلى تونس في المغرب العربي، فنُسب إلى هذا المغرب هو وأحفاده.
تلقى علوم الدين واللغة على أبيه وأفاضل أسرته وبعض كبار العلماء في الشام، ثم رحل إلى بيروت يتلقى العلم عن شيوخها، وما شب إلا وقد حفظ المتون في الفقه واللغة والأدب، فعين في إحدى وظائف القضاء الشرعي الكتابية.
وفي سنة 1892م رحل إلى الآستانة طلبًا للمعرفة، وفيها التقى كثيرًا من رجال الفكر وعلماء العصر، وفي طليعتهم جمال الدين الأفغاني.
وفي سنة 1893م عاد “المغربي” إلى طرابلس، وراح ينشر فكرته في الإصلاح الديني والاجتماعي، ويدعو إلى حرية الرأي والتجديد، فضاق بآرائه العلماء والسلطات الحاكمة، فبدؤوا بمضايقته، ثم ذهب إلى مصر في سنة 1905م، وأخذ يحرر في جريدة الظاهر، ثم في المؤيد، وشغل الناس بمقالاته، وقامت بينه وبين كثير من المفكرين والأدباء في مصر صداقات كثيرة.
وفي أواخر 1908م عاد إلى طرابلس، وراح يحرر في مختلف الجرائد والمجلات، ويكاتب الصحف المصرية، وأنشأ سنة 1911م جريدة البرهان، واستمر في إصدارها إلى أن توقفت بسبب نشوب الحرب في سنة 1914م.
وفي سنة 1915م أسَّس بالتعاون مع الشيخ عبدالعزيز جاويش كلية صلاح الدين الأيوبي في القدس، ودرس الشيخ المغربي في هذه الكلية (السيرة النبوية) و(فنون البلاغة).
وفي سنة 1916م اختير المغربي مديرًا لتحرير جريدة الشرق فجاء إلى دمشق وأقام فيها.
وفي سنة 1923م كلف تدريس اللغة العربية وآدابها في معهد الحقوق العربي بدمشق.
كان أحد الأعضاء المؤسسين للمجمع العلمي العربي، وحضر الجلسة الأولى للمجمع التي عقدت بتاريخ 30 يوليو 1919م.
وكان الشيخ المغربي ثاني اثنين (هو والأستاذ كرد علي) أقاما دعائم المجمع العلمي العربي الراسخة لأفاضل العلماء والأدباء، وكان من أكثر الأعضاء إنتاجًا ببحوثه اللغوية ومحاضراته الأدبية والاجتماعية، فقد ألقى في المجمع 70 محاضرة في المدة (1929 – 1946م وكان الناس يُقبلون على هذه المحاضرات.
ونشر في مجلة المجمع (بدءًا من المجلد الأول 1921م ولغاية المجلد الحادي والثلاثين 1956م) مقالاته وبحوثه ومحاضراته وفتاواه اللغوية واستدراكاته وتصحيحاته اللغوية وفصولاً من كتبه، إضافة إلى تراجم الأعلام والتعريف بالكتب والمجلات والمخطوطات التي ترد على المجمع. وقد ورد اسمه في كتَّاب المجلة 383 مرة.
انتُخب الشيخ عبد القادر نائبًا لرئيس المجمع في 15 أغسطس 1941م وظل يشغل هذا المنصب إلى حين وفاته.
وفي سنة 1932م اختير الشيخ عبد القادر المغربي عضوًا عاملاً في مجمع اللغة العربية في القاهرة وأسهم بنصيب وافر في أعمال هذا المجمع وشارك في عددٍ من لجانه وفي سنة 1949 اختير عضوًا في المجمع العلمي العراقي.
وظلَّ الشيخ المغربي يعمل لهذه المجامع الثلاثة ويمدها بنضيج رأيه وسديد حكمه ووسيع اطلاعه ودائب جهده إلى أن وافاه الأجل في 28 شوال 1375هـ الموافق 7 يونيو 1956م.
المصدر: سبق