أخبار
وثائق فرنسية وإسبانية تشهد من “المعهد الملكي” على الوحدة الترابية للمملكة
بالمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب نطقت الوثيقة التاريخية الأجنبية بمغربية الصحراء، كاشفة السياسات الاستعمارية التي قلّصت حدود المغرب “المحميّ” لصالح الجزائر، التي كانت تعتبرها فرنسا مستعمرة دائمة زمن الاحتلال الأجنبي.
جاء ذلك في محاضرة للمؤرخ الجيلالي العدناني، ألقاها، الجمعة بالرباط، بمقر المعهد المتخصص في التاريخ التابع لأكاديمية المملكة المغربية، وقدم فيها، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، دلائل على مغربية الصحراء من خلال وثائق مغربية وأجنبية.
ومن بين ما عرضه المحاضر من الأرشيف الفرنسي وثيقة لوزير الحرب الفرنسي تعود إلى سنة 1933، تقول إن المغرب واقع تحت “الحماية”، و”ينبغي أن يكون في خدمة المستعمَرة”، أي الجزائر التي كانت تابعة لوزارة المستعمرات، عكس المملكة التي كانت تابعة للخارجية الفرنسية.
وبما أن أرشيف فترة مهمة من الاحتلال الفرنسي لشمال إفريقيا لم يكشف إلا ابتداء من سنة 1991، يضيف المتحدث، فإن من بين ما اكتشفه الباحثون أن فرنسا كانت تحكم المناطق الصحراوية التي اقتطعت من الشرق لاحقا عبر استعادة النظام المخزني، أي بتعيين القواد بالطرابيش والبرنوص والظهائر المخزنية، وهي “السيادة المغربية” نفسها التي استعملتها إسبانيا لإدارة القبائل الواقعة تحت استعمارها.
ويرى الباحث أن المغرب فوّت فرصة الاعتماد على الأرشيف بعد حرب الرمال سنة 1963، بعد رفض فرنسا تسليمه إلى المغرب والجزائر، ثم فوّت فرصة أخرى في الحسم النهائي عبر الوثائق التاريخية سنتي 1974 و1975.
وإلى جانب مشروع الاستعمار ابتداء من السنوات التي تلت 1830 في وصلِ الجزائر بإفريقيا الغربية “للربط بين المستعمرتَين”، تثبت الوثائق السعي إلى التحكم في الواحات للقضاء على المقاومة، وهو ما تلاه “تهميش المغرب بوصفه إمبراطورية شريفة”.
واستشهد العدناني بالجريدة الرسمية الإسبانية سنة 1949، وحديثها عن كون المناطق الصحراوية تدار، سياسيا ودينيا وروحيا، انطلاقا من تطوان بفضل الخليفة السلطاني.
كما استحضر مفاهيم نحتها المستعمر الفرنسي لتيسير الالتفاف على الاتفاقات السابقة على احتلال المغرب، منها مفهوم “التهدئة” في مواجهة القبائل “حتى لا تكون مخالَفةٌ لمبدأ عدم استخدام العنف”، ومفهوم “الأرض الخلاء”، الذي ظهر بسبب الاستعمار، وكان ينبغي أن يجيب عنه المغرب سنة 1974.
ووضّح الباحث أن مفهوم “الصحراء الغربية” المنحوت فرنسيا لا يقتصر فقط على الصحراء المغربية الحالية، بل هو شاملٌ، كما توضح ذلك الخرائط والمراسلات، لكافة الجنوب المغربي، الذي صار جنوبا جزائريا، وفي اتجاه مالي وشمال موريتانيا.
ومن الأرشيف الفرنسي قدّم المحاضر وثائق لنقاشات بين الجنرال جورج، مرافقِ شارل دوغول، والجنرال ليوطي والحكام العامين بالجزائر وإفريقيا الغربية، دافع فيها الجنرال جورج عن مغربية الصحراء وحدود المغرب في إفريقيا الغربية.
كما استشهد بوثيقة من الوثائق التي كُشفت عقودا بعد الاستقلال، توثّق معارضة الجنرال ليوطي لسياسة الحاكم العام للجزائر بشأن ترسيم الحدود، ووضع “حدود وهمية” لا تحترم السيادة المغربية سنة 1914.
وبخصوص مبدأ عدم منازعة الحدود الموروثة عن الاستعمار، ذكر العدناني أن المغرب لم يقبله لأنه يخدم الإمبراطورية الكولونيالية الفرنسية التي ورثتها الجزائر، مشيرا إلى قبول الجوار الشرقي به حتى لا تخضع أراضيه لـ”مسلسل تصفية الاستعمار” في الصحراء الشرقية وشمال مالي.
كما تطرقت المحاضرة إلى سياسة “التخوم المغربية الجزائرية”، التي لم تطبقها فرنسا مع تونس وأي دولة أخرى، وهي “سياسة للاستيلاء على أراضي المغرب” بحجة الأمن، وكانت “قيادة التخوم في أكادير من سنة 1933 إلى سنة 1955 سيتم التنازل عنها مع قرب استقلال المغرب حتى لا يستعيد المغرب كل أراضيه، بما في ذلك شمال موريتانيا التي كانت تسمى بالصحراء الغربية”.
وعبر وثائق وخرائط ومعلومات عن الثروات التي كانت تستغلها فرنسا، بيّن العدناني ارتباط “الحدود الاعتباطية” بالماء ومناجم الحديد والملح وثروات أخرى، مع خلق مناطق عازلة بعشرات الكيلومترات للحد من وصول جيش التحرير المغربي إليها، وكانت إحداها (حاسي منير) سبب حرب الرمال بين المغرب والجزائر.