سياسة وعلاقات دولية

تحديات أمنية تُقوّي مشروع الغاز المغربي النيجيري مقارنة بالجزائري والليبي

في ظل أزمة الطاقة العالمية، وارتفاع الاهتمام بالغاز النيجيري من لدن أوروبا، ما زال خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب يحظى بمصداقية كبيرة؛ بالنظر إلى توفره على شروط أمنية واستراتيجية مهمة بالنسبة “للمارد الأوروبي”، الذي يواصل الاستثمار في هذا المشروع المُنتظر أن ينطلق تشييده خلال السنة الجارية، وفق ما أعلن عنه أكبيريكي أيكبو، وزير الدولة للموارد البترولية في نيجيريا.

بدورها، دخلت ليبيا على خط هذا التوجه صوب مصادر الطاقة غير التقليدية، واقترحت رسميا أن تعمل على تصدير الغاز النيجيري إلى أوروبا من خلال نموذج أنبوب يمر عبر النيجر، ثم ليبيا فإيطاليا. الاقتراح ورد على محمد عون، لسان وزير النفط والغاز الليبي، على هامش اجتماع مع النيجيري عمر الفاروق، الأمين العام لمنظمة الدول الإفريقية المنتجة للبترول (APPO)، بمناسبة التحضير لاستضافة طرابلس قمة الطاقة والاقتصاد 2024، خلال يومي 13 و14 يناير الجاري.

التوقعات بأن يكون هذا الأنبوب الذي ترجو ليبيا تنفيذه منافسا حاسما للأنبوب المغربي النيجيري ارتفعت، على الرغم من أن الحاجة العالية لدى أوروبا من الغاز تستدعي فتح أنابيب عديدة في الوقت الواحد دون أن يضر أي منها الآخر؛ ولكن خبراء مغاربة يعتبرون أن “تكثيف الأنابيب يفسح المجال أكثر أمام مشروع الغاز المغربي النيجيري، لكونه لا يواجه التحديات الأمنية، فضلا عن كونه يربط سبل التعاون بين أزيد من 11 دولة إفريقية”.

“تحديات أمنية”

مصطفى لبراق، خبير طاقي، قال إن “الأنبوب المغربي النيجيري قطع أشواطا الآن وتلقى استثمارات وتمويلات مهمة، تجعله لا يتأثر بمنافسة الأنبوب النيجيري الليبي المعلن عنه وحتى بنظيره السابق: النيجيري الجزائري”، مؤكدا أن “الوضع السياسي بليبيا من شأنه أن يؤثر على حشد التمويلات؛ وبالتالي صعوبة الاستثمار من الممكن أن تعطل هذا الأنبوب، مثلما تعطل الأنبوب الجزائري منذ عقد من الزمن”.

وأوضح لبراق، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “مروره عبر النيجر وليبيا برا يعيد إلى الواجهة التحديات الأمنية نفسها التي تجاوزها الأنبوب المغربي الذي يمر تحت البحر في جزء كبير منه”، مسجلا أن “أوروبا تستثمر 420 مليار متر مكعب في السنة من الغاز، وأنبوب المغرب نيجيريا سعته 30 مليار متر مكعب سنويا وإضافة أنبوب آخر يأتي لتعزيز حاجيات القارة العجوز من الغاز الطبيعي؛ وهو ما يثبت أن المغرب سيربح بحكم الأولوية”.

وأورد المتحدث عينه أن “الإشكال الذي سيواجهه الأنبوب الليبي هو أن الموردين الكلاسيكيين لأوروبا سيحتجون على هذا التوجه الأوروبي نحو إفريقيا، خصوصا روسيا والولايات المتحدة الأمريكية”، موضحا أن “مشروع المغرب لن يتأثر بهذا المعنى، لكونه يمر بدول عديدة إفريقية ويعطي المنفعة لأكثر من دولة، وهذه خطوة إيجابية كبيرة لهذا المشروع عكس مشاريع سابقة، مثلما أن مروره تحت البحر لا يضر بالجانب الإيكولوجي”.

“قيمة جيوسياسية”

أمين بنونة، مدير مشروع “مونوغرافية الطاقة بالمغرب”، قال إن “الحاجة المرتفعة إلى الغاز في أوروبا تفسح المجال أمام الأنابيب التي يمكن أن تنقل الغاز المتوفر لتلبية جزء من احتياجات أوروبا”، مشددا على أن “التنافس بين الأنابيب سيكون قويا؛ ولكن المغرب أنبوبه قطع أشواطا في دراسة الجدوى، وهو يحظى بمصداقية لدى المستثمرين بأوروبا، وقوته تكمن في الشراكة مع منطقة غرب إفريقيا التي تشهد بعض دولها توترا”.

وأكد بنونة، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “تشييد مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري صار قريبا. وهذا الأنبوب، الذي يمر عبر 11 دولة، سيساهم في تنمية هذه البلدان وستستفيد منه الساكنة بحيث سيقلل من نسبة التوتر بهذه الدول”، لافتا إلى أن “أنبوب المغرب – نيجيريا للغاز يساهم في الاستقرار في العديد من الدول التي انخرطت فيه؛ لأنه حين يكون هناك استغلال مشترك سيفتح آفاقا جديدة لشراكات أخرى ولأهداف جيوسياسية مهمة”.

وأجمل المتحدث قائلا: “البعد الاستراتيجي في الأنبوب المغربي أقوى، وهو يتيح فرصا للتحرك وإعادة التوازن إلى أوروبا وأيضا إلى المغرب والبلدان الشريكة. كما أنه سيكون آمنا من خلال مروره تحت البحر، وسيكون الإقبال عليه مهما”، خالصا إلى أنه “على الرغم من أنه سيوفر فقط نسبة من حاجيات “المارد الأوروبي”؛ فإنها تظل مساهمة إيجابية في ظل سعي القارة سالفة الذكر إلى تنويع مصادر وارداتها من الغاز ما أمكن، لأن القطاع شهد نوعا من إعادة الانتشار منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية”.

إغلاق