سياسة وعلاقات دولية
خبراء يبرزون دوافع تأكيد ألباريس “أولوية المغرب” في سياسة إسبانيا الخارجية
يواصل وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، اغتنام أي فرصة تتاح له للتذكير برغبة مدريد في تعزيز العلاقات مع المملكة المغربية، إذ جدّد أثناء مثوله أمام لجنة الخارجية بمجلس النواب أن المغرب يمثل أولوية في السياسة الخارجية الإسبانية، كما دافع عن موقف حكومة بيدرو سانشيز الداعم للصحراء المغربية.
في المقابل، يرى محللون أن الحكومة الإسبانية لا تبدي اكتراثاً بمستقبل علاقاتها مع الجزائر التي سحبت سفيرها بمدريد في مارس 2022 وعلّقت معاهدة الصداقة بين البلدين في يونيو من العام نفسه احتجاجاً على دعم إسبانيا مقترح الحكم الذاتي بالصحراء، قبل أن تعود لتعيّن سفيراً جديداً بعد 19 شهراً من القطيعة.
في هذا السياق، اعتبر عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي بالرباط، أن تصريحات وزير الخارجية الإسباني المتتالية التي تشيد بمستوى العلاقات بين المغرب وإسبانيا، “هي تأكيد على الأهمية التي يحتلها المغرب في سلم أولويات مدريد الدبلوماسية على المستوى الإقليمي والدولي، وإشارة واضحة إلى أن إسبانيا غير مستعدة للرجوع إلى حالة التوتر الذي عرفته العلاقات بين البلدين بسبب استقبالها زعيم مليشيا البوليساريو بتنسيق وغطاء جزائريين”
وأضاف بنلياس، ضمن تصريح لهسبريس، أن “المغرب يعتبر بالنسبة لإسبانيا شريكا استراتيجيا بحكم حجم العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تربط بينهما، والمصداقية والموثوقية اللتين تتمتع بهما الرباط في علاقاتها الدولية القائمة على الالتزام والمسؤولية والثبات، والانفتاح على مختلف أشكال التعاون والتنسيق لما فيه مصلحة البلدين”.
وأبرز الخبير في العلاقات الدولية أن “إسبانيا غير مستعدة للتضحية بهذا المستوى من العلاقات للتقرب من الجزائر التي تتسم مواقفها بعدم الاتزان وتثير الشك في ثباتها، لا سيما في ظل نجاح مدريد في امتصاص صدمة الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وفشل الجزائر في الضغط والابتزاز السياسي بملف الغاز والبترول، دون نسيان أنها (الجزائر) كانت أيضاً سبباً في توتير العلاقات بين مدريد والرباط”.
من جانبه، قال عبد الفتاح الفاتيحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، إن “خارطة الطريق الجديدة بين المغرب وإسبانيا أحدثت تحولا كبيرا مكّن من الانفتاح على ممارسات دبلوماسية برغماتية قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون الندي والمتوازن”.
وأضاف الفاتيحي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “تسارع التعاون المغربي الإسباني جعل كثيرين يستشعرون خطر زوال إيديولوجية توظيف النزاع حول الصحراء لاستمرار الأزمة بين المغرب وإسبانيا، حيث يُسارعون من جانبهم لفرملة هذا التطور في الشراكة بين البلدين”.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “خارطة الطريق الجديدة غيرت لدى مدريد منطق التعاون مع المغرب باعتباره صديقا مخلصا يجب الانتصار لمصالحه الاستراتيجية من منطلق براغماتي”، مشيراً إلى أنه “على المستوى الاستراتيجي والعملي، فإن العوائد السياسية لهذه الخارطة كثيرة وواعدة”.