من بين أبرز المخاوف التي حضرت لدى الفاعلين في القطاع الزراعي المغربي، أن “تصحب التساقطات المطرية الأخيرة موجة صقيع قوية مثلما حدث في يناير المنصرم”، غير أن توقّعات الطقس الحاليّة تبرز أن العكس هو الذي يحدث، إذ تم تسجيل ارتفاع في درجة الحرارة في مجموعة من المناطق المغربية، وهو ما من شأنه “التأثير على سرعة نمو المنتوج الزراعي”.
هذا الارتفاع يعده متتبعون “سلبيا” و”ناجما عن تداخل الفصول نتيجة التغيرات المناخية”، إلاّ أن له “دورا في القطاع الفلاحي بعد كل فترة غيث تعرفها البلاد”؛ فهو مؤشر يحمل “بشائر” للمزارعين، بالنظر إلى اعتبار “فترة حياة المزروعات من الزراعة إلى جني المحصول ستتمّ في مدة زمنية أقصر”، تبعاً للمفعول الحاسم للحرارة في مسار تشكلها، وهو ما يبدو حاضراً لدى المزارع المغربي مؤخراً رغم عدم نفيه “التأثير السلبي للحرارة”.
“سيف ذو حدين”
المزارع رياض أوحتيتا قال إن “الارتفاع الذي نسجله في الوقت الحالي في ما يبلغه الاحترار يعدّ إيجابيا، لكونه يساهم في نضج أسرع للمزروعات”، لافتاً إلى أن “احترار الأرض من جهة أخرى يساهم في جفاف التّربة ولا تستطيع الأخيرة الحفاظ على المخزون المائي المتواجد داخلها، ولهذا يعد الاحترار سيفاً ذا حدين، غير أنه عموماً إيجابي بعد التساقطات”.
وذكر أوحتيتا، في تصريح لهسبريس، أن “المزروعات الحالية ستحتاج أسابيع أو أشهرا جد قليلة لكي تصبح جاهزة للاستهلاك، والحرارة ستساعد المزارع والفلاح للخروج بإنتاج مكثف، سواء بالنسبة للفواكه أو الخضراوات أو الحوامض”، مسجلاً “أهمية نظام السقي بالتنقيط المدفون في هذه الفترة، أو الطريقة التي نشتغل عليها حاليا مثل حجر البوزولار، الذي نحيطُ به الأشجار لتحافظ على رطوبتها”.
وشدد المتحدث عينه على “الأثر السلبي للارتفاع الاستثنائي لدرجة الحرارة بشكل قياسي في الصيف، إذ يمكن أن يفسد المحاصيل الزراعية”، مشيرا إلى أن “الحرارة بعد الأمطار ضرورية عموما بالنسبة للفلاحين، لكون موجة الصقيع أو الجريحة تنهك الفلاحة بدورها، ولذلك نتوقع في الشهور القليلة المقبلة أن تشهد الفلاحة المغربية نوعا من المناعة، على الرغم من موجة الجفاف الخطيرة التي نشهدها، خصوصاً على مستوى جفاف التربة”.
تموين مضمون
لحسن أضرضور، مزارع رئيس جمعية منتجي ومصدري الخضر والفواكه في المغرب، قال إن الارتفاع التلقائي في درجة الحرارة بعد التساقطات المطرية يعدّ “أمراً محبّذا، خصوصا وأننا في يناير الفلاحي والأرض عرفت نوعا من الاحترار لمباشرة مزروعات جديدة. ستبدأ سلسلة الإنتاج مرة أخرى، رغم أن الكميات المتوفرة من محاصيل المزروعات السابقة تعد كافية لتموين شهر رمضان بالكامل وما بعده، خصوصاً بالخضر”.
وأشار أضرضور، في تصريح لهسبريس، إلى “وفرة الكميات المطروحة في الأسواق”، وأن الاحترار الحالي، بحسبه، “سيساعد في تعزيز العرض، وهو ما سينعكس إيجابا أيضا على الأسعار في ظرفية وقف التصدير ومنح الأولوية للاستهلاك المحلي”، متمنياً ألاّ “تبدو في هذا المسار أية شوائب جديدة، من قبيل فيروسات أو حشرات، يكون لها تأثير. فالجهود الرّسمية متواصلة، ونحن نبذلُ جهودنا، ولكن أحيانا الأمراض لا نتحكم فيها، رغم أنها مستبعدة”.
وسجل المزارع “هشاشة القطاع الفلاحي أمام التغيرات المناخية، وحاجته إلى موارد مائية قادرة على تقويته كبنية تحتية وكقطاع اقتصادي حيوي واستراتيجي بالنسبة للمملكة”، خاتماً بأن “المزارعين لديهم مع ذلك الإصرار ويواصلون هذا المسار، نظرا لأهميته حتى من الناحية الاستثمارية، لكن الفلاح الشاطر اليوم هو القادر على تدبير فترة الجفاف حفاظا على الفلاحة وحفاظا على الثروة المائية الوطنية”.
المصدر : هسبريس