أخبارالبيئة والطقسمنوعات
هيئة النزاهة والوقاية من الرشوة تساند تجديد “مكافحة الفساد” في المغرب
نداءٌ جديد أطلقته الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لتعزيز الجهود المبذولة للوقاية من الفساد ومكافحته في المغرب، بعدما أثبتت التجربة محدودية فعالية السياسات والبرامج التي وُضعت منذ سنوات طويلة.
جاء ذلك ضمن العدد الأول من “رسالة النزاهة” برسم افتتاح سنة 2024، والتي حملت الكلمةُ التي استهلّ بها محمد البشير الراشدي، رئيس الهيئة، العددَ الجديد من الرسالة، دعوة إلى “تفعيل الانتقال نحو حِقبة جديدة للوقاية من الفساد ومكافحته”.
هذا الانتقال يراه الراشدي مُمكنا؛ ذلك أن مقوِّماته “متاحة اليوم، من خلال ترصيد المكتسبات المتراكمة والأسس المتينة التي تم بناؤها في السنوات الأخيرة”، مبرزا أن هذه المقومات “وصلتْ حاليا مرحلةً من النضج تسمح بإطلاق استراتيجية من جيل جديد، في إطار مقاربة متجددة”.
الراشدي جدد التذكير بأن الوضعية التي يوجد فيها المغرب على مستوى انتشار الفساد “غيرُ مُرضية”، وأن تموقُعه في التصنيفات والمؤشرات الدولية وفي مختلف التقارير الوطنية والدولية ذات الصلة “يسلّط الضوءَ على تفشي الظاهرة بمستويات عالية”، مشيرا إلى تسجيل “حالةِ ركود أو حتى تراجع، على مدى فترة طويلة، في معظم المؤشرات المعنية”.
هذا الوضع يجسّد، حسب رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، “مفارقة”، لا سيما مع التزام المغرب، منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، باعتماد العديد من المبادرات والبرامج الحكومية لمكافحة الفساد، حيث وَضعت المملكة برنامج عمل 2005، تلاه برنامج ثانٍ في سنة 2010، إضافة إلى انضمام المغرب إلى الاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة بالوقاية من الفساد ومكافحته.
وإذا كانت هذه المبادرات “تعكس التعبير الواضح عن إرادة سياسية”، فإن الواقع، أردف رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، “يؤكد أنه بالرغم من الإنجازات المتعددة التي لا يمكن إغفالها يظل الفساد يحتل مستويات عالية تشكل إحدى العقبات الرئيسية التي تَحرم البلاد من معدلات التنمية التي تتناسب مع إمكاناتها الحقيقية”.
وتتسم وضعية المغرب على مستوى تطور مؤشر الفساد خلال العِقديْن الأخيرين (1998 – 2023) بالركود، مع بعض التذبذب في اتجاه الصعود أو النزول؛ غير أن المملكة تقهقرت بشكل ملحوظ خلال الخمس سنوات الأخيرة، بفُقدانها خمسَ نقط (حصلت على 38 نقطة في سنة 2023 مقابل 43 نقطة في 2018)، و24 مرتبة (تراجعت من الرتبة الـ73 على 180 سنة 2018 إلى الرتبة الـ97 على 180 سنة 2023).
وتستعد الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، في إطار تنفيذ توجهاتها الاستراتيجية الجديدة، لإطلاق “عملية تشاور واسعة النطاق مع جميع السلطات والجهات المعنية”، خلال الأسابيع المقبلة؛ وذلك بهدف تجميع ودمج آراء هذه الجهات ومساهماتها في إطار تفاعلي، بدءا من التشخيص وانتهاء بصياغة وإثراء التوصيات.
واعتبرت الهيئة ذاتها أن من شأن المرحلة الجديدة التي تقودها في مجال مكافحة الفساد أن تساهم في إضفاء الطابع الرسمي على توجهاتها الاستراتيجية الجديدة، “من خلال ما تضمنه من تعبئة وانخراط الأطراف المعنية في التملك الجماعي للرؤية وترجمتها إلى استراتيجية وطنية من الجيل الجديد، ليتم إطلاقها ووضعها حيز التنفيذ وفق مقاربة جديدة مبنية على الفعالية والالتقائية المؤطرة بمبدأ التناسق المؤسسي والوظيفي الضامن لتكامل جهود جميع الهيئات والسلط والمؤسسات”.
ويمثل الفساد ظاهرة عالمية، فعلي الصعيد الدولي يبلغ حجم الأموال العامة التي يتم تبديدها 2600 مليار دولار؛ ما يمثل 5 في المائة من الناتج العالمي الخام. ويتراوح مجموع قيمة الرشاوى ما بين 1500 و2000 مليار دولار، أي ما يعادل 2 إلى 4 في المائة من الناتج العالمي الخام.
ويبلغ وقع الفساد على الاتحاد الأوروبي 980 مليار دولار سنويا، ما يعادل 6.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد؛ بينما يبلغ وقع الفساد على إفريقيا 146 مليار دولار سنويا، أي 6 في المائة من الناتج المحلي الخام.
هذه الأرقام، التي اعتبرتها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، “مُقلقة”، تعكس “استمرار تدهور وضعية انتشار الفساد العالم، حيث ما زال الفساد يُلقي بثقله على الغالبية العظمى من الدول”.
المصدر : هسبريس