أخبارالتعليمالمجتمع

“أطباء المستقبل” يجددون رفض تقليص سنوات الدراسة و”التشكيك في الوطنية”

لم تُثن الإجراءات التي قررتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، في حق طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان المقاطعين للدراسة والامتحانات هؤلاء عن الاستمرار في شكلهم الاحتجاجي، إذْ جدّدوا التأكيد على عدم التراجع طالما لم تستجب الوزارتان الوصيّتان لمطالبهم الأساسية.

وقررت الوزارتان المَعنيتان، خلال ندوة صحافية مساء يوم الأربعاء الماضي، إعلان نتائج امتحانات الدورة الأولى، بعد تأجيلها مرّتين، ومنْح الطلبة المقاطعين صفر نقطة. غير أن طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان ردّوا بأن “أحسن جواب عن هذا التهديد هو الاستمرار في مقاطعة الامتحانات التي جرتْ في اليوم الموالي للندوة الصحافية”.

وتساءل ياسر الدرقاوي، عضو اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، في ندوة صحافية عقدتها اللجنة اليوم الإثنين: “كيف يُعقل أن تُعطى صفر نقطة لخمسة وعشرين ألف طالب (مجموع عدد طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان)، علما أن نسبة المقاطعة بلغت 100 في المائة”.

وفي وقت يخيّم شبح السنة البيضاء على الموسم الدراسي الحالي في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان قال الطلبة المعنيون إنهم لا يريدون أن تؤول السنة إلى هذا المصير، “لكنّ السنة البيضاء أرحم من مستقبل أسودَ”، معتبرين أن وقوع هذا السيناريو “سيكون فشلا حكوميا غير مسبوق”.

رفض للتشكيك في وطنية الطلبة

اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان استهلّت التوضيحات التي قدمتها في ندوتها الصحافية المنظمة بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالتعبير عن استنكارها “التشكيك في وطنية الطلبة”، وذلك ردّا على التصريحات التي أدلى بها وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، في الندوة الصحافية المشتركة بينه وبين زميله وزير الصحة والحماية الاجتماعية، حيث لمّح إلى وجود جهات، لم يُسمّها بالاسم، تُحرّك الطلبة المقاطعين للدراسة والامتحانات منذ أكثر من شهرين.

وقال محمد المهدي بنحميدة، المنسق الوطني للجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، إن الطلبة المحتجين مدفوعون بـ”الوطني والنضالي، وغايتهم هي الدفاع عن جودة التكوين، من أجل صحة المواطن المغربي الذي يستحق طبيبا كُفؤا”، وزاد: “لولا حِسُّ الوطنية والغيرة على جودة التكوين لما ظل 25 ألف طالب وطالبة يخوضون هذا النضال من دجنبر إلى الآن”.

ونفت اللجنة وقوف أي فصيل سياسي، وتحديدا جماعة العدل والإحسان، التي سبق لرئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني أن اتهمها بتحريك احتجاجات الطلبة سنة 2019، أو أي جهة أخرى، خلف الاستمرار في مقاطعة الدراسة والامتحانات، وهو ما عبّر عنه يسار الدرقاوي بالقول: “لا تحركنا أي جهة، و99 في المائة من الطلبة لا يعرفون حتى مَن هي العدل والإحسان”، مضيفا: “نحن طلبة مغاربة لدينا مطالب تهمّ تكويننا، لا أكثر ولا أقل”.

من جهته قال محمد المهدي بن حميدة: “كيف يمكن اتهام الطلبة بهذه التهم؟ هذا ضرب صريح في وطنيتهم، وآن الأوان للحد من توجيه أصابع الاتهام إلى الطلبة بالترهيب والتحريض والتنمر”، وزاد متسائلا: “لو كان الطلبة مقتنعين بطرْح الوزيريْن فكيف يفسران هذه المقاطعة المستمرة للدراسة والامتحانات؟”، معتبرا أن “الأزمة لن تُحل إلا بالحوار الجاد”.

وبخصوص اتهام وزيريْ التعليم العالي والصحة الطلبة بكون غايتهم من رفض تخفيض سنوات الدراسة من سبْع سنوات إلى ستّ سنوات هي الهجرة إلى الخارج وصفت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان هذا الاتهام بـ”المغالطات التي تروجها الوزارتان”.

وقال أحد أعضاء اللجنة: “لو كان هدف الطلبة هو الهجرة لما ناضلوا”، مضيفا: “حتى الذين يهاجرون إلى الخارج يذهبون فقط من أجل استكمال التكوين في التخصص ويعودون إلى المغرب، والذين يستقرون هناك يفعلون ذلك لأن الظروف تحتم عليهم ذلك”.

“لا لتقليص سنوات الدراسة”

جدّد طلبة الطب رفضهم القرار الذي اتخذته الحكومة، قبل سنتين، بشأن تقليص سنوات الدراسة من سبع سنوات إلى ستّ سنوات، ما يعني بقاء الخلاف القائم بينهم وبين الوزارتيْن الوصيّتين، اللتين أكدتها بدورهما أنهم لن تتراجعا عن هذا القرار.

وعبّر الطلبة عن “عدم فهمهم” إصرار الوزارتين الوصيتين على عدم التراجع عن تقليص سنوات دراسة الطب، مشيرين إلى أنه “لا توجد دولة في العالم تخوّل للخريجين ممارسة الطب بعد ست سنوات من التكوين”، كما اعتبروا أن الوزارتيْن “لم تُقدما حججا مُقنعة للإبقاء على هذا القرار”.

وبخصوص وضعية طلبة كليات الصيدلة قالت إيمان بنعمرو، عضو اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، إن المشاكل التي يعاني منها طلبة الصيدلة مازالت قائمة، ذاهبة إلى القول إن الوزارتيْن المعنيّتين “ترفضان التوقيع على محاضر الاجتماعات مع ممثلي الطلبة”، على حد تعبيرها.

وأضافت المتحدثة ذاتها: “على الوزارتيْن أن تعرفا أن هناك مشاكل في كليات الصيدلة. والمسؤولون يعرفون أن هذه المشاكل موجودة، لكنهم لا يريدون إيجاد حلول، ونحن نطالب بحوار جاد ومسؤول، وليس الحوار من أجل الحوار، أو التنقيص منا، فحين تسأل عن مطلب ويجيبونك ‘ماشي شغل’ فهذا ليس حوارا”.

ومن بين المشاكل التي يعاني منها طلبة كليات الصيدلة، تردف بنعمر، مشكل الاكتظاظ، بسبب “الارتفاع المهول لأعداد الطلبة الوافدين، علما أن القطاع الصيدلي لا يعاني من نقص في الصيادلة”، على حد تعبيرها، مشيرة إلى أن معدل الصيادلة في المغرب هو صيدلي واحد لكل 3074 مواطنا، في حين أن المعدل العالمي الذي وضعته منظمة الصحة العالمية هو صيدلي واحد لكل 6000 مواطن.

ويظهر أن الشلل الذي تعاني منه كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بالمغرب مرشح للتمديد، إذ أكد ممثلو الطلبة أن أي اتفاق مع الوزارتيْن لن يتم توقيعه من طرفهم إلا بعد العودة إلى الطلبة، مشيرين إلى أن “الطلبة هم الذين يقررون في كل المراحل وعن قناعة تامة، وليس نحن من يوجههم”.

وفي وقت تتهم فيه الوزارتان الوصيّتان الطلبة بأنهم مدفوعون من “جهات”، دعا هؤلاء إلى “عدم وضعهم في صراع مع الدولة والحكومة”، بحسب محمد المهدي بن حميدة، مضيفا: “هدف الطلبة هو تحسين جودة التكوين والصحة في المغرب”.

المصدر : هسبريس

إغلاق