أخبارالثقافة والفن
أكاديمية المملكة المغربية تنصّب عضوين جديدين من زيمبابوي وكوت ديفوار
حفل تنصيب عضويْن مشاركين جديدين من أعضاء أكاديمية المملكة المغربية استقبله مقرها بالرباط، الأربعاء، بعد تعيينهما من لدن الملك محمد السادس، مع أعضاء مقيمين ومشاركين ومقيمين جدد، متم السنة الماضية 2023.
وبحضور عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، وأعضاء بالأكاديمية، ألقت الأديبة والأكاديمية الإيفوارية طانيلا بوني والاقتصادي الزيمبابوي نكوسانا مويو خطابَي تنصيبهما.
وفي تقديم العضوين الجديدين، قالت رحمة بورقية، عضوة أكاديمية المملكة المغربية، في صيغتيها السابقة والحالية، إن طانيلا بوني تعبّر عن “الذكاء الإفريقي”، وتعطي “إحساس فخر بالانتماء إلى القارة”، بعدما بدأ مسارها الثقافي بالكوت ديفوار، لتتأصّل بعد ذلك في الجامعات الفرنسية، وتصير كاتبة مكرّسة ومحاضرة تتقن فن صناعة الكلمات، ومقاربة العالم فلسفيا، وتطبيق قوة أفكارها على اللغة الفرنسية حول الثقافة وإفريقيا والتقاليد والعولمة والغرب والمرأة، بإيمان بـ”سلطة الكلمات وقدرتها على تغيير العالم”.
وتابعت بورقية: “تعيين مفكرتنا طانيلا بوني يقوي أكاديميّتنا بقوة وطراوة الأفكار، وبرؤية جديدة متنورة عن النساء الإفريقيات وإفريقيا”.
كما ذكرت عضوة أكاديمية المملكة المغربية أن نكوسانا مويو “من العقول المذهلة الاقتصادية البارزة بزيمبابوي”، ووصفته بـ”الاقتصادي الحكيم” و”النموذج للقادة الشباب الجدد الذين سيحملون مستقبل بلداننا”.
وتابعت متحدثة عن مسار خاص، درس فيه الاقتصاد بالعاصمة البريطانية لندن، بعد الحصول على دكتوراه في الفيزياء وتدريسها، ليصير مسؤولا وزاريا، وفي مؤسسات مالية وإدارية إفريقية ودولية، مثل البنك الإفريقي للتمويل والبنك الدولي، قبل تأسيسه معهد مانديلا لدراسات التنمية، فضلا عن ارتباطه طويل الأمد بـ”المنتدى الاقتصادي العالمي” ومسؤولياته لتنمية إفريقيا.
وتطرقت بورقية إلى معرفة العضو المشارك الجديد “متعددة الأبعاد” و”تجربته متعددة المنجزات”، وعمله المهني الطويل الذي جعله “من الأعلام الأفارقة الذين يدافعون عن تنمية القارة”، وعاملا فاعلا “في توفير الرؤى والأفكار حول تنمية إفريقيا، يدافع عن اقتصاد دامج يخدم الناس ويجمع المواطنين، وهو قائد فاعل لمصلحة الناس، ومنح كل مواطن الفرص المناسبة بغض النظر عن العمر والوضع الاجتماعي والنوع”، يؤمن بأن “على الأفارقة أن يتملّكوا قدرهم بأنفسهم، وبأن على الدول الإفريقية التحاور حول تنميتها (…) والوعي بنوعية التنمية التي تريدها وكيفية الوصول إليها، وكيفية التعامل مع العوائق، فالمانحون يقولون لنا ما نريد سماعه، لكن لا شيء يقدم لنا مجانا”.
ومن بين ما يدافع عنه العضو الجديد كون جيله قد “دمر عقول الشباب حول تنمية إفريقيا والغرب”، وهو ما يتطلب “إعادة الأمل لشبابنا”.
وتحدثت كلمة طانيلا بوني، عضوة أكاديمية المملكة المغربية الجديدة، عن الحدود التي تسكن المخيال، واستحضرت “المكان المتخيل والحقيقي المسمى “الصحراء” الذي يقسّم إفريقيا قِطعا”، ويعطي صورة منتشرة عن “إفريقيا الصحراوية المحرومة من الأنوار وغير المعروفة، أقليةِ العالم، التي ليس لها وعي بنفسها فلا نسمع لها”.
وشددت على أن هذا “الحدّ” الصحراوي المتخيل والموجود لا يضع حدودا مجالية فقط؛ “بل حدودا في التفكير” أيضا، ثم تطرقت إلى “فكرة الملتقى”، الذي ينبغي أن يُرى “لحظات اختيار حاسم”.
ودافعت الأكاديمية عن “السكن المشترك” الذي ينبغي الوعي به من لدن أناس يشاركون سقفا أو مكانا؛ لأن “هناك شيئا يتقاسمه جميع الناس بغض النظر عن الثقافة والمعتقدات والعلوم، وهو المكان الذي نعيشه، والحدود الحقيقية والمتخيلة التي تفرقنا”.
وتابعت متحدثة عن عالم الأحياء الذي ليس افتراضيا ولا متخيلا، ومن ضمنه عالم الإنسان، مثيرة الانتباه إلى ضرورة السير في طريق “عالم مرغوب، قابل للعيش”؛ فهذا “من واجبات الإنسان الذي ندعي أننا منه”، في زمن التغيرات المناخية والجوائح والذكاء الاصطناعي، علما أن “الإنسانية تبنى” وينبغي أن تكون الأخلاق في صلب انشغالها، وأن تعمل بوعي متقد بأن “هاوية الكائنات غير الإنسانية هي هاويتنا أيضا”، وأن “الحياة الإنسانية هشة بدرجة كبيرة”، و”الحياة تفاوض مستمر بين إرادة الحرية والحدود الداخلية والخارجية”.
أما نكوسانا مويو، عضو الأكاديمية الجديد، فتحدث عن “خالق الكون، وكل أشياء العالم”، ودقة وجود “كل شيء في مكانه بشكل كامل”، وضرورة الوعي بهذا؛ لأن “ادعاءنا الإنساني بأننا أعلى من كل محيطنا هو ما يجعلنا نعمل بطريقة تدمر علاقتنا ببقية الكون والإنسان حتى، ونخلق قيما تبرر أهدافنا السياسية”.
وفسر المتدخل “تفكّك” منظمات، مثل “الأمم المتحدة”، بأن الإنسان “عندما ننظر بعمق، لسنا مختلفين كثيرا عن بقية المملكة الحيوانية”، بل إن “مفهوم المواطن العالمي مثير للتساؤلات”.
ودافع مويو عن أن الدول والاتحادات “يكون لها صوت عندما تعطيها ممارستها مصداقية”، وقدم مثالا بسنغافورة، قائلا: أعطتها جهودها صوتا لا ضغطا، بسبب حجمها، رغم نقلها نفسها من العالم الثالث إلى الأول”، عكس الصين، التي “مع تحقيقها مصداقية التدبير، استعملت كبرها في طريقة التطور عسكريا، والآن آراء الصين لا يمكن تجاهلها”.
وواصل: “هذان المثالان ينبغي أن يكونا نموذجا لنا نتعلم منهما.. ففي إفريقيا اليوم لدينا جغرافية كبيرة، ومليار ساكن، وثروة بيئية؛ لكن تدبيرنا بعيد عن المصداقية (…) وتبقى كثير من دولنا مبلقنة، ونقارنها رغم أنها قارة بدول مثل الصين والهند”.
ومن بين ما دافع عنه المتدخل أن “علينا في إفريقيا أن نتوقف عن كوننا عبيدا للتاريخ، وأن نوقف لوم الآخرين، فلنا السيطرة التامة اليوم، وعلينا تعلم كيف يكون لنا صوت وتأثير (…) أما الشحاذون فلا يمكن أن يختاروا”.
المصدر : هسبريس