يبدو أن المشاريع الكبرى التي يستعد المغرب لإطلاقها تماشيا مع استراتيجيته التنموية الجديدة والمبادرات الإقليمية التي أطلقها والتظاهرات العالمية والقارية التي يستعد لاحتضانها في السنوات المقبلة كلها عوامل باتت تسيل لعاب الدول والشركات الدولية، خاصة الإسبانية والفرنسية منها، التي تراهن على الاستفادة من حصتها في المشاريع المغربية لتطوير البنية التحتية الوطنية.
مُعطى تُزكيه الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي إلى الرباط والتي أعلن من خلالها أن بلاده تسعى إلى إقامة شراكة اقتصادية جديدة مع المغرب وستدعم الجهود التنموية المغربية في الأقاليم الجنوبية؛ إضافة إلى زيارة وزير النقل الإسباني بدوره إلى المغرب، حيث ناقش مع المسؤولين المغاربة تطوير شبكة النقل الوطنية في وقت أكد فيه مصدر مسؤول بالمكتب الوطني للمطارات لهسبريس أن شركة إسبانية فازت بصفقة توسيع بنيات مطار محمد الخامس الدولي.
في هذا الإطار، قال ياسين اعليا، خبير اقتصادي، إن “الشركات الفرنسية تحاول استثمار التقارب الأخير بين الرباط وباريس من أجل العودة إلى السوق المغربية بزخم كبير، إذ تسعى إلى الاستفادة من الإمكانيات الكبيرة التي تتيحها المملكة وكذا المشاريع المستقبلية التي تعتزم إطلاقها، خاصة على مستوى توسيع البنيات التحتية وشبكات النقل الطرقي والسككي”.
وأضاف اعليا أن “هذه المشاريع والقطاعات الحيوية التي تهمها باتت تسيل لعاب الشركات الفرنسية والإسبانية؛ بل وشركات دولية أخرى على غرار الصينية منها والألمانية، خاصة التي تشتغل في قطاع الأشغال العمومية”، لافتا إلى أن “هذا التنافس المحمود للظفر بالصفقات التي تطلقها الحكومة المغربية مرتبط بحجم هذه المشاريع وبالإعداد أيضا للتظاهرات والمنافسات الكروية التي تستعد المملكة لاستضافتها والتي تتطلب بالضرورة إعادة تأهيل البنيات التحتية الوطنية”.
وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول ما إن كان إسبانيا ستحظى بالأفضلية في هذا الصدد بحكم علاقاها مع الرباط واحتضان البلدين بشكل مشترك لفعاليات كأس العالم 2030، بيّن الخبير الاقتصادي ذاته أن “المغرب لا يربط مصالحه الاقتصادية ببلد معين بغض النظر عن طبيعة العلاقات معه، بقدر ما يربطها بكلفة الإنتاج والجودة”.
في السياق نفسه، أكد المتحدث ذاته أن “شروط الحكامة الجيدة تفترض فتح باب الصفقات والمناقصات أمام جميع الشركات وفق شروط محددة ودفتر تحملات معين، وهذه الشركات عليها أن تقدم الضمانات الأساسية وعروضا بأقل تكلفة وأكثر جودة، إذ من المفترض كذلك أن تسند بعض هذه المشاريع إلى الشركات المغربية التي تمتلك الطاقات والتكنولوجيات اللازمة لإنجاز هذه المشاريع؛ وبالتالي خلق المزيد من فرص الشغل”.
من جانبه، قال كراوي الفيلالي، خبير اقتصادي، إن “إسبانيا وفرنسا مهتمتان بالمغرب وبالمشاريع التي أطلقها انطلاقا من مجموعة من المحددات؛ أبرزها أن المغرب اليوم بوابة لهذه الدول نحو إفريقيا، ودولة منفتحة على فضائها الأطلسي والمتوسطي من خلال مجموعة من المبادرات على غرار المبادرة الأطلسية”.
وأوضح الفيلالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه العوامل مجتمعة تجعل من المملكة بلدا جاذبا للاستثمار، خاصة في ظل توفرها على كفاءات وطنية تغطي مختلف المجالات”، مشددا في الوقت ذاته على “ضرورة تنويع المغرب لشركائه على هذا المستوى”.
وأشار المتحدث ذاته أن “كأس العالم، الذي سيحتضنه المغرب في إطار الملف المشترك مع كل من إسبانيا والبرتغال، يجب أن يكون يُشكل فرصة لتطوير البنيات التحتية في مجموعة من المناطق والأقاليم المغربية”، معتبرا في الوقت ذاته أن “المملكة تحتل اليوم الريادة على المستوى الإفريقي فيما يتعلق بتطوير شبكات البنية التحتية والنقل؛ غير أنه يجب عليها أن تسعى إلى نقل تجربتها الرائدة في هذا المجال إلى باقي الدول الإفريقية”.
المصدر : هيبريس