أخبارالإقتصاد

“عرض المغرب” للهيدروجين الأخضر يحفز الاستثمار ويلبي الطلب الداخلي

بـ”عرض عملي تحفيزي” شامل لمجموع “سلسلة القيمة” لقطاع الهيدروجين الأخضر، مرّت المملكة المغربية إلى ورش التفعيل، مراهنة على جعله “يتماشى مع احتياجات المستثمرين بهدف رفع المملكة إلى مصاف فعل تنافسي في هذا القطاع ذي الآفاق الواعدة، تفعيلا للتوجيهات الملكية في هذا الموضوع (جلسة عمل 22 نونبر 2022).

وأفاد البلاغ الحكومي، المعلن عن إصدار رئيس الحكومة لمنشور تفعيل “عرض المغرب”، بأن الأخير يقوم على “مقاربة شاملة وعملية وشفافة تمنح المستثمرين رؤية واضحة”، مبرزا أنه تم إقرار “تحديد وعاء عقاري مساحته مليون هكتار، وتوفير 300 ألف هكتار لفائدة المستثمرين خلال المرحلة الأولى”، كاشفا عن “إعراب ما يناهز 100 مستثمر وطني ودولي عن اهتمامهم الكبير والفعلي بـ”عرض المغرب للهيدروجين الأخضر””. كما “تم وضع إطار تحفيزي ومواكبة حاملي المشاريع من أجل ضمان نجاح التنفيذ” عبر تحفيزات ضريبية وامتيازات جبائية وتوفير الوعاء العقاري (الذي سيصل في مُجمَلِه إلى مليون هكتار).

وبخصوص العقار، أكدت الحكومة، من خلال منشور التفعيل، أنها تضمن توفير “عقارات عمومية مهمة، تناهز مساحتها مليون هكتار، عبارة عن أوعية عقارية سهلة الولوج وذات مؤهلات عالية في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، علما أن هذه الأراضي مشمولة بالقرارات سارية المفعول للسلطة الحكومية المكلفة بالطاقة، التي تحدد مناطق استقبال ومواقع تطوير وإنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام مصادر طاقية متجددة، حيث سيتم خلال مرحلة أولى توفير 300 ألف هكتار موزعة على قطع أرضية، تتراوح مساحتها بين 10 آلاف و30 ألف هكتار”.

التحفيزات الخاصة بالاستثمار في هذا القطاع الطاقي الواعد تتضمن “إطارا واضحا من خلال الميثاق الجديد للاستثمار، الذي يوفر أرضية مهمة لضمان نجاح تنفيذ “عرض المغرب”.

وسيُتيح لحاملي مشاريع الهيدروجين الأخضر “طلب الاستفادة من التحفيزات” المنصوص عليها ضمن الميثاق المذكور. أما بالنسبة لحاملي المشاريع المنجزة بناء على منطق الاندماج الصناعي المحلي، سواء تعلق الأمر بالاندماج الأفقي أو العمومي، فسيستفيدون من تحفيزات الميثاق ذاته، “وفق شروط سيجري تحديدها بنصوص تنظيمية”.

أما المستثمرون فتشمَلُهم الاستفادة أيضا عبر “تحفيزات ضريبية وجمركية في شكل الإعفاء من رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة، بالنسبة للسلع التي يتم اقتناؤها محليا وتلك المستوردة، مع إمكانية “تطوير منطقة واحدة أو أكثر من مناطق التسريع الصناعي لفائدة النظام الصناعي المرتبط بالهيدروجين الأخضر”.

استجابة للطلب الداخلي

أفاد أمين بنونة، الخبير الطاقي المغربي، بأن “الدولة، من خلال الجهاز الحكومي، تؤكد فعليا على توفير الأرضية والمساهمة في الاستجابة المتزايدة على مصادر الطاقة المتجددة بالمغرب؛ وهو ما يمثله “عرض المغرب” بأجزائه الستة، معتبرا أنه “إجابة أيضا ليس فقط على اهتمام مستثمرين محليين وعالميين؛ ولكن تفاعلا مع الطلب المعبر عنه المكتب الشريف للفوسفاط بخصوص استراتيجيته لإنتاج الأمونيا الخضراء بحلول 2031”.

ولفت الأستاذ الجامعي المتخصص في علوم الطاقة، في تصريح لهسبريس، إلى أن “إنتاج الهيدروجين الأخضر بكميات كبيرة وفيرة سيَسمح بخفض أسعاره عالميا وضمان تنافسيته، في أفق عمل المغرب على توجهه نحو استعمال طاقي خالص”، واصفا حجم الاستثمارات المرتقبة في قطاع الهيدروجين الأخضر بـ”الاستراتيجية والمهمة، سيلعب فيها القطاع الخاص دورا حاسما بشراكة مع الدولة وبدعم في إطار منح الاستثمار”.

وشرح بنونة، في حديثه لهسبريس، أن “السوق الداخلية للهيدروجين الأخضر تعتمد بالأساس الإنتاج المحلي؛ وهو ما أشار إليه المنشور الحكومي”، مبرزا أن “سلسة قيمة القطاع ستبدأ من التموين المحلي إلى التموين الدولي؛ ومن ثمة الافتتاح على أسواق أوسع”، مشددا على أن “عرض المغرب” (مقارنة مع عروض دول مجاورة منافسة) يتميز بكونه استجابة لدينامية “طلب داخلي متوفر ومعبر عنه” وقد تم التفكير فيه جديا منذ 2015 حينما أصبحت أسعار الكهرباء من مصادر متجددة أرخص”؛ وضرب المثال بأن “كل 1 مليون طن من الأمونيا يتطلب 150 ألف طن من الهيدروجين الأخضر”.

وأكد الخبير الطاقي ذاته أن حجم الطلب يتراوح بين 150 إلى 200 ألف طن مطلوبة بالمغرب حاليا في أفق دخول فاعلين ومستثمرين جدد؛ منوها بجهود عمومية لتشجيع الاستثمارات الخاصة الهائلة عبر مِنح لدعم مشاريع الهيدروجين الأخضر، لا سيما في شق البنيات التحتية وإنتاج مُحللات كهربائية مستعملة في الإنتاج فضلا عن المولدات الريحية والألواح الشمسية”.

آفاق واعدة

أكد عبد الصمد ملاوي، الأستاذ المتخصص في التكنولوجيات الطاقية والتحول الطاقي المستدام، أن “مشروع عرض المغرب لإنتاج الهيدروجين الأخضر يحمل في طياته فوائد جد مهمة اقتصاديا وطاقيا وبيئيا وكذا استراتيجيا”، وقال معلقا: “يأتي بمثابة المصدر الجديد ليُعزز المكانة المغربية ويمكن المغرب من إيفاء بتعهداته البيئية المسطرة في التقليل من انبعاثات الغازات الملوثة، كما يندرج في إطار استراتيجيته الطاقية المسطرة سلفا عبر انتهاج تنويع المصادر”.

وفي إفادات تحليلية لهسبريس، سجل ملاوي أنه “انطلاقا من سنة 2024 إلى سنة 2032، توجد فعليا خُطط مسبقة تم وضعُها قبل تفعيل منشور عرض المغرب للهيدروجين الأخضر”، مبرزا أن “المغرب يتوخى إنتاج 3 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر في أفق 2030؛ بما فيها إنتاج مليون طن خلال السنوات القليلة المقبلة”.

“من المحتَمل أن يستحوذ المغرب على 4 إلى 10 في المائة من الطلب العالمي للهيدروجين الأخضر بحلول 2030″، أورد أستاذ الطاقات المتجددة لافتا إلى أن “المغرب بلدٌ يتمتع بمختلف المقومات سواء كانت تحفيزية، تشريعية أو تقنية؛ ولأن الهيدروجين الأخضر يستوجب إنتاج المغرب لكهرباء خضراء وهو ما بدأ فيه منذ سنوات”.

كما أشار إلى “تخطيط المغرب لتزويد السوق الداخلية بنحو 4 تيرا واط ساعة في أفق 2030، وتقريبا أكثر من 10 تيرا واط ساعة سيستهدف بها السوق الخارجية العالمية للتصدير في إطار استراتيجية مسطرة بدأ العمل بالمرور إلى تنفيذها”، معتبرا أنها “طريقة جديدة تعزز التوجه التنموي المغربي في مجال الطاقات المتجددة، الذي من المرتقب أن يخلق مناصب شغل 100 ألف منصب شغل ما بين 10 إلى 15 في المائة”.

كما استحضر ملاوي وجود “مشروع استثماري حيوي وكبير في المناطق الصناعية بطنجة بشراكة مع الاتحاد الأوروبي”، فضلا عن مشروع “Power to X للهيدروجين الأخضر بشراكة مع ألمانيا”؛ وهو ما ستكون له “تبعات بيئية إيجابية للتقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة، لأنه مادة تُستعمل من بين البدائل لتعويض انبعاثات الكربون”.

المصدر : هسبريس

إغلاق