تغطي المملكة المغربية من خلال وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نفقات 51 مسجدا ورواتب أزيد من 150 إماما وخطيبا في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، حسب ما أكدته وسائل إعلام إسبانية.
في هذا الصدد نقلت صحيفة “لاراثون” الإسبانية أن “الوزارة سالفة الذكر تغطي نفقات 34 مسجدا و95 إماما ومرشدا دينيا في سبتة، ونفقات 17 مسجدا ورواتب 58 إماما ومرشدا في مليلية”، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن “مقارنة هذه الأرقام مع عدد الكنائس الكاثوليكية في المدينتين تبين وجود ست كنائس في مليلية و13 في سبتة”، فيما يرى مهتمون أن هذه الخطوات تروم صيانة الأمن الروحي لساكنة الثغرين المحتلين وتحصينها من الفكر الديني المتطرف.
تفاعلا مع هذا الموضوع قال عبد اللطيف الوزكاني، باحث في العلوم الشرعية، إمام سابق للتراويح بمدينة مليلية، إن “تدين ساكنة مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين لا يختلف عن تدين عموم المغاربة، فهو تدين مبني على حب الدين والوطن والتشبث بالثوابت المغربية التي يتفق عليها الجميع”، مشيرا إلى أن “وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تشتغل على ربط أواصر التواصل بين سكان المدينتين، وصيانة أمنهم الروحي، من خلال أنشطة المجلس العلمي المحلي الأقرب إلى الثغرين المحتلين”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “السلطات والمؤسسات القائمة على الشأن الديني في المغرب ترسل أئمة ووعاظا ومرشدين ومرشدات بمناسبة شهر رمضان إلى هاتين المدينتين، لإحياء دروس دينية وتنظيم مسابقات قرآنية”، مؤكدا انطلاقا من تجربته الخاصة في هذا الإطار أن “هذه الأنشطة الدينية تجد ترحيبا كبيرا من لدن السكان المحليين، بل ويشجعونها ويدعمونها بكل الوسائل ويستقبلونها ببهجة وسرور وقلب منشرح”.
في السياق نفسه أورد منتصر حمادة، باحث في الشأن الديني، أن “إشراف المغرب على هذه المساجد في المدينتين يندرج في سياق تثمين وتزكية التربية الروحية أو الأمن الروحي للساكنة المسلمة في المدينتين من جهة، وتأكيد الارتباط بالوطن من جهة ثانية، وإن كانت هذه العلائق متشابكة أو متداخلة، بحكم الخصوصية السياسية والدينية المغربية التي تبقى حالة فريدة، ليس في المنطقة العربية وحسب، وإنما في العالم الإسلامي أو محور طنجة جاكرتا، لأن الملك هو أمير المؤمنين أيضا، وهي الخصوصية التي حمت المغرب من عدة تحولات ومشاكل مرت وتمر منها العديد من دول المنطقة”.
وبين حمادة في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “ولاء مغاربة الداخل والخارج ولاء للمؤسسة الملكية ولمؤسسة إمارة المؤمنين”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن “هذه جزئية تستحضرها العديد من الدول الأوروبية والعربية والإفريقية في معرض تدبير العلاقات الثنائيات مع المغرب في شقها المرتبط بثنائية السياسة والدين، إلى درجة أن الرباط تتوصل رسميا بطلبات من عدة دول بهدف الاستفادة من هذه التجربة المغربية في تدبير الشأن الديني؛ وفي هذا الباب يأتي تدبير شؤون مساجد سبتة ومليلية”.
وخلص الباحث ذاته إلى أن “هذه الخطوة يمكن اعتبارها بابا من أجل التحصين أو الوقاية من الفكر الديني المتطرف، فالأمر يندرج بالضرورة في هذا السياق، لكن أسباب انتشار هذا الفكر متعددة، وبالتالي مواجهته يجب أن تكون كذلك”، خاتما: “هذه الخطوة تندرج ضمن هذا الأفق، لأن هناك محددات أخرى إقليمية أو دولية، سياسة أو دينية أو حتى نفسية، تقف وراء انتشار الظاهرة، ولكننا على الأقل نعاين تبني مثل هذه الخطوات من باب تحمل المسؤولية، أما بالنسبة لباقي الخطوات المرتبطة بالمحددات الخارجية فالمسألة تتطلب مقاربات تشاركية، واستحضار أدوار عدة فاعلين وقوى”.
المصدر : هسبريس