أخبارشؤون دينية
دفاع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عن عدم حِرمة قروض الأبناك يثير جدلا
أثار الرأي الذي عبّر عنه أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في الدرس الافتتاحي للدروس الحسنية الرمضانية، والذي تحدث فيه عن عدم حِرمة الفوائد البنكية، جدلا وردود فعل صبّت في اتجاه انتقاد التوفيق والتأكيد على أن هذه الفوائد حرام.
وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية قال إن “بعض المتكلمين في الدين قد أحرجوا ضمير المسلمين بالقول إن الربا هو الفائدة على القرض بأي قدر كانت، مع العلم بأن حكمة القرآن جاءت للقطيعة مع ممارسة كانت شائعة في الحضارات القديمة؛ وهي استعباد العاجز عن ردّ الدَّيْن بفوائد مضاعفة، وكان بعض فلاسفة اليونان قد استنكروا ذلك”.
واعتبر التوفيق أن “الاقتراض في هذا العصر فمعظمه للضرورة أو الاستثمار، ومقابل الخدمات فإن الفائدة تقلّ بقدر نموّ الاقتصاد في البلد” وأن ما يتم أداؤه من الفوائد يتعلق بثمن الأجل ومقابل الخدمات.
كلام الوزير رأي شخصي
الموقف الذي عبّر عنه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أثار جملة من ردود الفعل الرافضة، حيث اعتبر رشيد بن كيران، أستاذ في معهد الغرب الإسلامي للتكوين والبحث العلمي، أن الرأي الذي عبّر عنه الوزير أمام الملك “شوَّش على المغاربة دينهم”.
واعتبر بن كيران، في رد نشره في صفحته على منصة “فيسبوك”، أن “تحريم الفوائد البنكية متفق عليه بين الفقهاء، وبات تحريمه معلوما ومستقرا في ضمير المغاربة منذ عقود. ولهذا، تجد منهم من يقترض بالربا عن طريق البنك من غير ضرورة، إلا أنه يعلم في قرارات نفسه أنه تعامل غير مشروع واقترف محرما من الكبائر”.
وتعليقا على الموضوع، اعتبر عبد السلام بلاجي، رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، أن كلام وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية “ليس فتوى بل رأيا”، لافتا إلى أن الجهة المختصة بالفتوى في المملكة هي المجلس العلمي الأعلى.
وقال بلاجي، في تصريح لهسبريس، إن جمهور العلماء المعاصرين والمجاميع الفقهية، ومنها مَجمع الفقه الإسلامي الدولي بمكة، المنبثق عن منظمة العالم الإسلامي، “تؤكد جميعها أن الفوائد البنكية هي ربا”.
وتعليقا على قول وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إن الاقتراض في هذا العصر معظمه يكون للضرورة أو الاستثمار، وأن ما يتم أداؤه من الفوائد يتعلق بثمن الأجل ومقابل الخدمات، أوضح بلاجي أن المقابل الذي يُؤدّى عن الخدمات ليس فائدة، وأن الفائدة هي العوض المالي الذي يأخذه البنك عن القرض مقابل تأجيل سداد الدَّين.
ولفت رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي إلى أن الزمن في الشريعة الإسلامية له مقابل؛ ولكن في إطار البيع (البيْع بالأجل)، وليس في إطار الاقتراض.
وثمّة مَن يقول بأن الربا المحّرم هو “ربَا النسيئة”، وهو الذي أشار إليه وزير الأوقاف بـ”ممارسة كانت شائعة في الحضارات القديمة، وهي استعباد العاجز عن ردّ الدَّيْن بفوائد مضاعفة”، قال بلاجي إن الربا المذكور “محرّم بنص قطعي، وربا الفضل محرم بالاجتهاد”.
وزاد موضحا: “أشد العلماء الذين تشدّدوا في تحريم ربا الفضل هم المالكية؛ لأنهم يرون أن ربا الفضل يؤدي إلى ربا النسيئة، عملا بقاعدة سدّ الذرائع”، معتبرا أن “ربَا الفضل في عصرنا هذا أخذ مَجرى ربا النسيئة”.
وبالرغم من ردود الفعل التي أثارها حديث وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عن “القروض الربوية”، فإن عبد السلام بلاجي يرى أن رأي الوزير المَعني “لن يثير إشكالا، على مستوى الممارسة؛ لأن المؤسسة المخوّل لها بالإفتاء هي المجلس العلمي الأعلى”، معتبرا أنه “لا يُوجد مُفت يملك مؤهلات الفتوى يمكن أن يقول إن الفائدة البنكية ليست محرمة”.
مسألة محسومة
في السياق ذاته، قال عمر الكتاني، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي، إن مسألة حرمة فوائد القروض البنكية “حُسمت في القرآن والتاريخ”، معتبرا أن القول بعدم حِرمة تلك الفوائد “مصيبة وكارثة تنمّ عن الجهل”، على حد تعبيره.
وأردف الخبير الاقتصادي المغربي، في تصريح لهسبريس، أن الفوائد البنكية لا تطرح إشكالا على المستوى الديني فحسب، بل على المستوى الاقتصادي أيضا؛ ذلك أنها السبب في الضغط الشديد في المديونية الذي تعاني منه أوروبا، حيث وصلتْ إلى نسبة 100 في المائة من الدخل الوطني.
وأوضح الكتاني أن الغاية من تحريم الفائدة على القروض هي “بناء الأمة؛ وذلك بتقاسُم المُقرض والمقترض الربح والخسارة”، ذاهبا إلى القول إن هناك “هجمة علمانية على المغرب هدفها تشتيت الأمة حتى لا تكون لها سيادة على الاقتصاد والفكر والثقافة”.
المصدر : هسبريس