أخبارالإقتصاد

تسجيل شح السيولة يخنق البنوك المغربية .. وطلب “الكاش” يجدد التحديات

تواجه الأبناك شحا غير مسبوق في السيولة، بعدما قفز متوسط حاجياتها الأسبوعية من 109.2 مليارات درهم إلى 111.2 مليار بين يناير وفبراير الماضيين، فيما استقرت قيمة هذه الحاجيات عند 107.1 مليارات درهم خلال دجنبر الماضي، الأمر الذي دفع ببنك المغرب إلى رفع قيمة مبالغ السيولة التي ضخها في السوق النقدية لإنعاش معاملات الأبناك، من 122 مليار درهم إلى 123.4 مليار خلال الفترة المذكورة.

وارتبط تفاقم شح السيولة بدرجة كبيرة بالارتفاع القياسي لرواج الأوراق النقدية (الكاش) إلى 393.1 مليار درهم متم يناير الماضي، بارتفاع نسبته 10.2 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية، ما يمثل زيادة بقيمة 36.3 مليار درهم، باعتبار أن هذه الأوراق شكلت موضوع معاملات مالية خارج القنوات البنكية، وجففت بالتالي السيولة، فيما أصبحت قيمة معاملات “الكاش” تمثل حوالي 4 أضعاف قيمة عجز السيولة البنكية.

وهم العامل الثاني تراجع قيمة التعويضات في منتجات الادخار، إذ أصبح زبائن الأبناك يفضلون الاحتفاظ بأموالهم على ادخارها في حسابات بنكية، ناهيك عن تأثير موجات التضخم وارتفاع النفقات وحالة عدم اليقين على علاقة المغاربة بالأوراق النقدية، التي أصبح إعدادها للاستغلال الفوري بديلا للإيداعات لدى البنوك، وإنجاز معاملات قصيرة أو متوسطة الأمد بواسطتها.

“الكاش” فاقم العجز

لم يتردد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، خلال الاجتماع الفصلي للمجلس الإداري للبنك المركزي، في طرح مشكل تفاقم عجز السيولة البنكية بالمغرب، إذ بلغ 110.5 مليارات درهم في المتوسط خلال شهريْ يناير وفبراير الماضيين، فيما انتقلت قيمة حاجيات البنوك من السيولة من 88.8 مليار درهم إلى 100.9 مليار بين الفصلين الثالث والرابع من السنة الماضية، التي شهدت انتقال المتوسط الأسبوعي لهذه الحاجيات من 80.9 مليار درهم خلال 2022 إلى 83.2 مليار درهم في 2023.

واعتبر صلاح إسماعيلي، محلل ومستشار مالي، أنه “ليست من باب الصدفة إثارة والي بنك المغرب مشكل عجز السيولة البنكية، مع تعبيره في الآن نفسه عن قلقه من تطور رواج الأوراق النقدية”، موضحا أنه “يدرك بشكل كبير خطورة التداولات النقدية خارج القنوات البنكية وتأثيرها السلبي على السيولة، ما يمثل ضغطا على بنك المغرب، الذي يصبح مطالبا بتكثيف تدخلاته في السوق النقدية”، وموردا أن “تسبيقات بنك المغرب عبر طلبات عروض لمدة 7 أيام تراوحت بين 49.4 مليار درهم و46.2 مليار خلال الشهرين الماضيين”.

وأوضح إسماعيلي، لهسبريس، أن “بنك المغرب واع بأهمية تقليص المعاملات بالأوراق النقدية من أجل تخفيف العبء الذي يتحمله بسبب تكثيف تدخلاته في السوق النقدية من أجل تلبية حاجيات البنوك من السيولة”، مؤكدا أن “تخفيض قيمة هذه التدخلات يفترض التوفر على احتياطي مهم من العملة الصعبة، وهو الأمر الذي لا يمكن المخاطرة به حاليا، باعتبار الالتزامات الكبيرة للمغرب مع المؤسسات الائتمانية الدولية، وحالة عدم اليقين، ومخاطر تطور التضخم وارتفاع قيمة الواردات”، ومشددا على أن “هذه العوامل تبعد هذا الخيار من حسابات البنك المركزي”.

تحديات نقدية مقبلة

يرتقب أن يواصل عجز السيولة البنكية تطوره خلال الأشهر المقبلة، في علاقة مع نمو محتمل لرواج المعاملات بالأوراق النقدية، وذلك مع اقتراب مناسبات تجارية مهمة مثل عيد الأضحى، وكذا موسم العطلة الصيفية، وما يصاحب ذلك من ارتفاع في تداول “الكاش” بشكل أكبر، خصوصاً مع تقدم عمليات توزيع الدعم الاجتماعي المباشر وصرف تعويضات المتضررين من زلزال الحوز، إذ يتسبب السحب المرتفع للنقد في أزمة لدى البنوك ويقوض قدرتها على توفير تمويل الاقتصاد.

وبالنسبة إلى سليم شهابي، مستشار مالي وبنكي، فالظرفية الحالية تتطلب طفرة في تطوير وسائل وقنوات الأداء الإلكتروني بما يناسب حاجيات المستهلك المغربي، من خلال إعادة النظر في الإستراتيجيات التشغيلية والتسويقية للمنتجات التي تم طرحها خلال الفترة السابقة، وأثبتت محدوديتها في جذب الزبائن إليها، إذ ظل أغلبهم مرتبطين بالأوراق النقدية والمعاملات عن طريق “الكاش”، مستدلا بتقارير بنك المغرب التي تضع عمليات السحب من الشبابيك الأوتوماتيكية في صدارة الخدمات البنكية.

وأضاف شهابي أن تعميم اعتماد الأداء بواسطة الهواتف المحمولة على المديين المتوسط والطويل سيتيح تطوير الاقتصاد الرقمي، ويسمح للأبناك ومؤسسات الائتمان بتوفير جزء أكبر من السيولة، وتقليص التكاليف التشغيلية لتدبير الأوراق النقدية، التي تكبد الاقتصاد الوطني خاسر تقدر بـ7 مليارات درهم سنويا، أي 700 مليار سنتيم، مستدلا بتوقعات بنك المغرب التي تفيد بأن 400 مليار درهم من التعاملات يمكن إجراؤها بشكل سريع عن طريق الدفع بواسطة الهاتف المحمول.

المصدر: هسبريس

إغلاق