أخبارالإقتصاد

عرض المغرب في مشاريع الطاقة والهيدروجين الأخضر يغري شركات فرنسية

أجرت كاثرين ماكغريغور، المديرة العامة لمجموعة “إنجيه” الفرنسية لحلول خدمات الطاقة المستدامة، الخميس، برفقة جزء من اللجنة التنفيذية للمجموعة، زيارة استثنائية إلى المغرب، وهو ما يُظهر، حسب بلاغ للسفارة الفرنسية بالمملكة، “اهتمام الشركات في هذا البلد الأوروبي بالإمكانات الهائلة في المغرب في مجال الطاقة المتجددة والانتقال إلى الكربون المنخفض”، وبـ”عرض المغرب” لتطوير صناعة الهيدروجين الأخضر.

ويبدو أن التقارب الأخير بين الرباط وباريس التي أعلنت على لسان وزير خارجيتها أن بلاده ترغب في تطوير شراكة في مجال الطاقة النظيفة مع المغرب، سيدفع المزيد من الشركات الفرنسية إلى الاهتمام بالمشاريع التي أطلقتها المملكة في هذا المجال والاستثمار فيها، على غرار مجموعة من الشركات المتخصصة في العالم، سواء من الصين أو ألمانيا أو غيرها، التي انخرطت في تطوير عدد من مشاريع الطاقات الخضراء بالمملكة.

طموح مغربي ورصيد طاقي

تفاعلا مع الموضوع، قال إدريس العيساوي، محلل اقتصادي، إن “تعبير الشركات الفرنسية الكبرى، على غرار شركة إنجيه، عن رغبتها في الدخول والاستثمار في السوق المغربية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، أمر مهم بالنسبة للمغرب الذي يطمح لتحقيق الريادة العالمية على هذا المستوى، سواء من حيث التصدير أو من حيث الاستعمالات الصناعية المحلية”.

وأضاف العيساوي، في تصريح لهسبريس، أن “تحقيق هذا الطموح المغربي تواجهه مجموعة من التحديات، أبرزها التحدي المرتبط بضرورة تطوير الإنتاج الطاقي الأخضر في المغرب في إطار تنافسي، أي في إطار يضمن له تخفيض الكلفة الطاقية وكذا كلفة الإنتاج”، مسجلا أن “عرض المغرب في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر يستهدف استقطاب رأس المال الأجنبي وتعزيز جاذبيته أمام المستثمرين الراغبين في الدخول إلى هذا المجال الواعد، حيث إن الدولة خصصت خلال سنة 2022 أكثر من مليون ونصف مليون هكتار من العقارات الموجهة لاحتضان هكذا مشاريع”.

ولفت المحلل الاقتصادي إلى أن “إنتاج الطاقة الخضراء في المغرب أصبح يجتذب مستثمرين وشركات عالمية، سواء من فرنسا أو الهند أو الصين أو دول أوروبية أخرى، تراهن على تعزيز شراكاتها مع الدولة المغربية على هذا المستوى في ظل تفاقم أزمة المناخ العالمية وتوجه الدول إلى تقليل اعتمادها على مصادر الطاقة التقليدية، فيما يُراهن المغرب على رصيده الطاقي لتعزيز مكانته في مشهد الطاقات الصديقة للبيئة في العالم”.

وبين أن “المغرب وضع مجموعة من الاستراتيجيات والبرامج التي تهدف إلى رفع حصة الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي لتصل إلى حوالي 52 في المائة في أفق سنة 2030″، مسجلا في سياق حديثه عن التنافسية التي يشهدها إنتاج الهيدروجين في العالم أن “المغرب يواجه على هذا المستوى تحديا آخر مرتبطا بتقديم عرض تنافسي بكلفة أقل مقارنة بمنافسيه الرئيسيين كموريتانيا ومصر، إذ يجب ألّا تتعدى كلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الهيدروجين الأخضر دولارا أو دولارين على أقصى تقدير”.

وخلص العيساوي إلى أن “تقوية الإنتاج الوطني من الهيدروجين الأخضر والدخول في شراكات مع مؤسسات وشركات عالمية في هذا المجال، سيُمكن المغرب من تعزيز مكانته في صناعة الأسمدة وفك الارتباط مع التبعية للسوق الخارجية في استيراد المواد اللازمة لهذه الصناعة، خاصة الأمونياك، والتقلبات التي تعرفها أسعار هذه المواد، من خلال استعمال هذا النوع من الهيدروجين لإنتاج الأمونياك الأخضر بإضافة الآزوت مثلا”.

شروط متوفرة واختيارات استراتيجية

ياسين اعليا، خبير اقتصادي، قال إن “اهتمام الشركات الفرنسية بالسوق المغربية لإنتاج الهيدرجين الأخضر يرجع أساسا إلى توفر المملكة على كل الشروط والموارد البشرية الضرورية، إذ إن الطاقات النظيفة التي بات ينتجها المغرب وأصبح إثر ذلك من الرواد في هذا المجال على الصعيدين العالمي والقاري، والتي تستعمل في فصل الهيدروجين عن الأوكسجين في جزئيات الماء، إضافة إلى القرب الجغرافي، كلها عوامل تُفسر هذا الاهتمام”.

وأوضح اعليا، في تصريح لهسبريس، أن “قرب المغرب من الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط يمكن دول المنطقة، وبالتالي أوروبا، من ضمان الاستفادة من الهيدروجين الأخضر المغربي بطريقة أسرع وبكلفة أقل مقارنة بالدول الأخرى التي تنافس المغرب في هذا المجال كمصر والسعودية”.

وأشار إلى أن “الاختيارات الاستراتيجية للمغرب على هذا المستوى مكنت من جلب الاستثمارات الأجنبية، بحكم توفر المادة الخام في المملكة”، لافتا في هذا الصدد إلى أن “التقارب المغربي الفرنسي الأخير سيعزز من الاستثمارات الفرنسية في إنتاج الطاقات الخضراء في المغرب، خاصة وأن الشركات الفرنسية انخرطت في هذا التوجه الذي يتماشى مع السياسات البيئية والمناخية التي أقرها الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة”.

وبين الخبير الاقتصادي ذاته أن “التعاون بين القطاعين الخاص والعام في كلا البلدين في هذا المجال الواعد الذي أصبح الانخراط فيه ضرورة استراتيجية، سيشكل فرصة لتحقيق أرباح مهمة في إطار الشراكة الفرنسية المغربية”.

وتفاعلا مع سؤال حول أهمية دعم الاستثمار الداخلي والمشاريع المغربية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، قال المتحدث إن “الاستثمار في مجال الطاقات الخضراء والمتجددة هو استثمار يتطلب إمكانيات كبيرة ومن الصعب أن نجد مستثمرين مغاربة بالنظر إلى عامل التكلفة المرتفعة جدا وعامل أولوية ضمان طلبيات مسبقة لبدء الإنتاج”.

إغلاق