أخبار
تحديد قيمة زكاة الفطر يجدد النقاشات بخصوص “النقد والكيل” في المغرب
مع إعلان المجلس العلمي الأعلى عن رأيه في القيمة النقدية لزكاة عيد الفطر هاته السنة، وهي عشرون درهما، “عاد النقاش الديني والمجتمعي الموسمي” حول إجازة إخراج هذه الصدقة الواجبة نقدا وليس فقط كيلا كما هو الأصل في المذهب المالكي.
وكان المجلس العلمي الأعلى قد أجاز، في وقت سابق، إخراج الزكاة نقدا بعدما ورد عليه سؤال حول (هل إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقدا يجوز أم لا؟)، وهو ما أجاب عنه بمنطق “رفع الحرج عن الناس ومن تعذر له إخراج حبوب الزرع والدقيق والتمور، ومن يراها أسهل وأيسر في الأداء، وأفيد بالنسبة للمتلقي…”، وغيرها من الحجج.
واعتبر العديد من النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فور صدور رأي المجلس يوم أمس الثلاثاء، أن “إخراج الزكاة لا يكون نقدا بل كيلا، وفق ما نص عليه المذهب المالكي المتبع في المملكة”، منتقدين بذلك “قيمة 20 درهما المحددة، والتي تسعى إلى المساواة، غير عادلة بين الفقير والغني”، حسبهم، على الرغم من أن المجلس يؤكد أن القيمة يمكن تجاوزها لمن استطاع.
وفي المقابل، دافع بعضهم عن إجازة إخراج الزكاة نقدا، مؤكدين أن “ذلك يساهم في زيادة استفادة الفقير والمحتاج، ويتناسب ومتغيرات العصر، حيث إن المواطنين ليسوا في أغلبهم يتعاملون بالقمح والدقيق والتمر”.
وقت التجاوز
إذا كان النقاش يتجدد حول هذا الموضوع موسميا، فإن محمد عبد الوهاب رفيقي، الباحث في الفكر الإسلامي، قال إن “الوقت قد حان لتجاوزه”.
وأضاف رفيقي، ضمن تصريح لهسبريس، أن ضرورة تجاوز هذا النقاش تأتي بحكم أن “المقايضة بالسلع أصبحت نظاما بائدا، والناس تحولوا بشكل مطلق إلى التعامل بالنقد”، مستغربا في الوقت عينه من “الدعوات التي لا تزال تصر على أن تكون زكاة الفطر بالشكل التقليدي القديم، والذي كان مناسبا حينها”.
واعتبر الباحث في الفكر الإسلامي أن الزمن الذي كانت تخرج فيه الزكاة طعاما يتناسب وحاجة الناس لذلك الطعام، سواء في أغراضهم الخاصة أو التبادل والمقايضة، موضحا أن “تطور المجتمعات إلى اعتبار النقد هو ما تؤدى به كل المعاملات التجارية، ويعتبر الثمن الوحيد الذي تستخلص به السلع والحاجيات؛ فمن المنطقي إذن والموافق لمقاصد الشريعة الإسلامية الرجوع إليه، واعتماده في أداء المخرجات الشرعية من زكاة وغيرها”.
وبيّن المتحدث ذاته أن “المقصد الأساسي من زكاة الفطر هو إدخال الفرحة على ذلك المحتاج والفقير يوم العيد، كما أن الفقهاء لم يجيزوا للشخص أن يدفع الزكاة بعد صلاة العيد، بحكم غياب المقصود حينها وتأخره في إظهار الفرحة والانتفاع من المبلغ على المحتاج”، مشددا في هذا الشق على أنه “لا ينبغي أن نكون حرفيين وجامدين وظاهرين في التعامل مع العديد من النصوص، وعلى الخصوص المعاملات التي تعود بالنفع على الناس، وإنما يجب الاحتكام إلى روحها ومقاصدها وغاياتها، ما دامت الأخيرة متحققة أكثر في التعامل بالنقد”.
وأجمل رفيقي قائلا: “رأي إجازة النقد في الزكاة الأنسب والأكثر قربا للمقاصد سالفة الذكر وواقعنا الذي نعيش فيه اليوم”، موردا أن “نقاش قيمة الزكاة المحددة في عشرين درهما هو خارج بشكل واضح عن السياق، وبعيد تماما عن مقاصد هاته الصدقة التي يشير رأي المجلس حولها إلى إمكانية مضاعفة المبلغ لمن استطاع من باب التطوع والصدقة والكرم، مع ضرورة تحديد الحد الأدنى الذي يمكن إخراجه”.
فرح الفقراء
لحسن سكنفل، رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيرات- تمارة، قال إن “زكاة الفطر فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسمى زكاة الأبدان في مقابل زكاة الأموال، وتخرج من غالب قوت أهل البلد لما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من شعير أو صاعا من قمح أو صاعا من تمر، والصاع يعادل اليوم كيلوغرامين ونصف، وهذا هو الأصل أن تخرج كيلا”.
وأضاف سكنفل لهسبريس أن عددا من العلماء أجازوا إخراج الزكاة عبارة عن قيمة (نقدا)؛ لأن “الغاية هي أن يفرح الفقراء وأن يجدوا ما ينفقون يوم العيد، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم “أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم”، وإلى هذا ذهب المجلس العلمي الأعلى”، لافتا إلى أن هذا الأخير “من خلال الهيئة العلمية للإفتاء يحدد القدر الواجب إخراجه، وهو المتوسط (20 درهما) وقد يكون أقل من ذلك أو أكثر بحسب عسر الرجل و يسر ومتوسط عيشه، وعموما فهي تدور ما بين 10 دراهم و30 درهما، والله أعلم”، وفق تعبيره.
المصدر : هسبريس