وصل الإنتاج المغربي من فاكهة الأفوكادو لموسم 2023-2024 إلى حوالي 70 ألف طن، في حين بلغت الصادرات منه ما يقرب من 60 ألف طن، بينما لم تستفد السوق الداخلية سوى من 10 آلاف طن، وذلك وفقا لأرقام وفرتها مصادر مهنية لهسبريس.
“رقم قياسي وغير مسبوق” إذن ذلك الذي حققته زراعة الأفوكادو المغربية، في الوقت الذي تمر فيه المملكة من ندرة مياه حادة ناتجة عن توالي سنوات الجفاف، خصوصا بعد أن وصلت نسبة ملء السدود في مارس الماضي إلى 26 في المائة، لتتمكن بعد التساقطات المطرية الأخيرة من بلوغ 32 في المائة.
ولا يكاد النقاش على مستوى الفضاء العام يهدأ حول مدى استهلاك هذه الزراعة للمياه، إذ يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد من الفاكهة الخضراء ما بين 700 و800 لتر، بينما يصل متوسط الاستهلاك فيما يخص إنتاج الفواكه إلى 962 لترا للكيلوغرام الواحد وإلى 300 لتر بالنسبة للخضراوات، في غياب أرقام رسمية وثابتة.
وعادة ما يرفض مهنيو زراعة الأفوكادو بالمملكة الاتهامات الموجهة إليهم بخصوص تسببهم في ندرة الموارد المائية بالمغرب، ويتشبثون بـ”فوائد هذه الزراعة في جلب العملة الصعبة وتوفير فرص الشغل”، ويطالبون وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بـ”الدخول على الخط وحماية المنتوج الوطني من المغالطات”.
عبد الله اليملاحي، رئيس “جمعية الأفوكادو المغربية”، قال إن “هذا المنتوج يستهلك المياه كما تستهلكها منتوجات فلاحية أخرى، ويشكل في المجمل نسبة 0.5 في المائة من الصادرات الفلاحية المغربية التي تقدر بحوالي 12 مليون طن، في الوقت الذي لا تتعدى فيه المساحة المزروعة به 8 آلاف هكتار مقابل 8.7 ملايين هكتار صالحة للزراعة بعموم البلاد، أي إن مساحة الأفوكادو لا تتعدى 0,09 في المائة”.
وأكد اليملاحي، في تصريح لهسبريس، أن “هذا المنتوج يستهلك ما بين 700 و800 لتر من أجل إنتاج كيلوغرام واحد، في حين إن هنالك إنتاجات فلاحية تستهلك أكثر من ألف لتر من الماء لإنتاج كيلوغرام واحد، أي إننا هنا في الحاجة إلى مقارنات تتم وفقا لمنطق علمي وواضح حتى لا يتم التحامل على أي طرف بشكل مجاني”.
وبيّن المتحدث أن “زراعة الأفوكادو بالمملكة وصلت إلى حدها القياسي، أي إنه لم تعد هنالك استثمارات إضافية، في الوقت الذي ترجع فيه الزيادات المحققة في الإنتاج إلى ارتفاع مردودية الضيعات لا غير”، موضحا أن “مناطق نشاط هذه الزراعة محدودة بدورها، إذ تبقى محصورة ما بين العرائش ومنطقة مولاي بوسلهام، وهي المناطق التي توفر الشروط المناخية اللازمة”.
وأشار رئيس جمعية الأفوكادو المغربية إلى أن “وزارة الفلاحة مطالبة بالدفاع عن مهنيي الأفوكادو والخروج بتوضيحات في هذا الإطار وبيان موقع هذه الزراعة ضمن الإنتاج الوطني ككل، إذ إن الأمر يتعلق بالسيادة الفلاحية للبلد، وحتى لا يتم الاستمرار في تمرير مغالطات”.
من جهته، قال عادل العامري، مسير ضيعة بمنطقة العوامرة بإقليم العرائش، إن “الإنتاج الفلاحي الوطني غني فيما يخص الفواكه، وتظل الحوامض في المرتبة الأولى، في حين إن نسبة الأفوكادو ما تزال ضعيفة، على الرغم من كون هذه الزراعة حققت هذه السنة موسما مهما بغض النظر عن الرياح القوية التي أتلفت كميات مهمة من المنتوج نهاية أكتوبر الماضي”.
وأوضح العامري، في تصريح لهسبريس، أنه “فيما يخص استهلاك المياه، فإن الأفوكادو شأنها شأن زراعات أخرى تستهلك الماء، وقد سارع المهنيون إلى اعتماد تقنية التنقيط، وبالتالي فنسبة محدودة هي التي تعمد على تقنية الرش”، مشيرا إلى أن “الموضوع لا يمكن النقاش حوله دون العودة إلى الأرقام والإحصائيات المضبوطة”.
ولفت المتحدث إلى أن “هذه الزراعة تمكنت من خلق فرص شغل مهمة بمنطقة الغرب حيث باتت ساكنة دواوير بالمنطقة تشتغل في هذا المجال خلال فترة الجني تحديدا، خصوصا منطقة تيفلت، دون التغاضي عن كون هذه الزراعة تساهم في جلب العملة الصعبة وتمثل صورة الفلاحة المغربية بالخارج”.
واعتبر الفاعل المهني ذاته أن “هنالك نوعا من المبالغة في الحديث عن استنزاف الأفوكادو للمياه؛ فهي زراعة بدأت منذ مدة بالمملكة غير أن ندرة المياه الحالية لفتت الأنظار إليها، ليتم بذلك تصويرها على أنها السبب الرئيسي فيما يحدث، في الوقت الذي يستهلك فيه الإنتاج الفلاحي عموما حوالي 80 في المائة من الموارد المائية للبلاد”.
المصدر : هسبريس