أخبار
تمسك الرباط بوحدة واستقرار ليبيا .. التزام المملكة يخدم التكامل المغاربي
جددت المملكتان المغربية والبلجيكية، أمس الاثنين، خلال الإعلان المشترك الذي أعقب انعقاد الاجتماع الثالث للجنة العليا المشتركة للشراكة بين البلدين، تشبثهما بدعم سيادة واستقلال الدول الليبية والحفاظ على وحدتها الترابية؛ فيما أشادت بروكسل بالجهود التي تقودها الدبلوماسية المغربية في هذا البلد واحتضانها عدد من محطات الحوار الليبي، آخرها احتضان اجتماعات لجنة 6+6 لإعداد القوانين الانتخابية، وبالتالي الذهاب في اتجاه تنظيم استحقاقات برلمانية ورئاسية تنهي حالة الجمود والانقسام السياسي في هذا البلد المغاربي.
من جهتهم، سجل متتبعون أن حضور الأزمة الليبية في صلب محادثات الجانبين وتأكيد الرباط على موفقها الثابت تجاه أزمة هذا البلد يعكس تسمك المغرب والتزامه الراسخ بمواكبة جهود المصالحة بين الأطراف السياسية في ليبيا والدفع باتجاه إيجاد حل سياسي سلمي في إطار الدولة الليبية الواحدة والمُوحدة باعتبارها شريكا أساسيا في تحقيق التكامل المغاربي، وبالتالي مواجهة مختلفة المحاولات الرامية إلى استغلال وضعية الهشاشة الأمنية التي تشهدها ليبيا من أجل خلق تثبيت واقع جديد في المنطقة.
التزام مغربي واستقرار مغاربي
إدريس أحميد، محلل سياسي ليبي مختص في الشأن المغاربي، قال إن “المملكة المغربية طالما أظهرت التزامها الكامل والمبدئي بالتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة الليبية بما يتماشى مع إرادة الشعب الليبي الذي يريد بدوره توحيد مؤسسات الدولة تحت راية واحدة بما يخدم أهداف الاستقرار الإقليمي”، مسجلا أن “الرباط لعبت أدوارا طلائعية على هذا المستوى من خلال احتضان عديد اللقاءات بين الأطراف السياسية في ليبيا والتي أثمرت بدورها إنتاج مجموعة من القواعد والاتفاقات التي كانت حاسمة في مسار الأزمة السياسية في البلاد”.
وأضاف أحميد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “حضور الملف الليبي ضمن المحادثات المغربية البلجيكية يعكس التزام المملكة بهذا الدور المهم الذي لا يمكن لليبيين باختلاف تموقعاتهم السياسية أن ينكروه، ويؤكد محورية الملف الليبي في السياسة الخارجية المغربية التي تسعى من خلال كل هذه الجهود إلى الحفاظ على استقلال القرار الليبي وصيانة الوحدة الترابية للدولة الليبية باعتبارها جزءا من الفضاء المغاربي الذي يواجه اليوم مجموعة من التحديات التي تفرض الحفاظ على تماسك دوله”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “تسمك الليبيين بدور المغرب والخبرة التي راكمها في التعاطي مع الأزمة السياسية وحالة الانقسام الذي تشهده ليبيا من شأنه أن يسد كل الثغرات أمام التدخلات الخارجية وتطاحن المشاريع الأجنبية على الساحة الوطنية؛ وبالتالي فإن الرهان اليوم على المغرب هو رهان كبير من أجل الوصول بليبيا إلى بر الأمان”، مسجلا أن “التداول المغربي الأوروبي بشأن هذا الملف مهم هو الآخر من أجل توضيح المواقف وحث الدول الأوروبية على العمل على استقرار ليبيا الذي هو جزء من استقرار الدولة المغربية ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة لأوروبا”.
وخلص المحلل السياسي ذاته إلى أن “الأمم المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي يثقون في المقاربة المغربية في ليبيا التي تهدف إلى تجاوز حالة الانقسام الحاد بين الليبيين والتي يؤثر استمرارها على مجموعة من الملفات الأمنية والسياسية في المنطقة”، مشددا في الوقت ذاته على أن “هذه المقاربة تختلف كثيرا عن مقاربات بعض الدول التي تراهن على استمرار الوضع الحالي خدمة لأجندتها وأهدافها المشبوهة في ليبيا”.
تحولات جيو-سياسية وتهديدات أمنية
تفاعلا مع الموضوع ذاته، أورد محمد عطيف، باحث مختص في العلاقات الدولية والقانون الدولي، أن “تأكيد كل من الرباط وبروكسل على أهمية الحفاظ على استقلال ووحدة أراضي الدولة الليبية، ضمن الإعلان المشترك الذي أعقب انعقاد الاجتماع الثالث للجنة العليا المشتركة بين البلدين، يؤكد تشبث المغرب بالحل السياسي في ليبيا والدفع بمسلسل الانتخابات في هذا البلد؛ وبالتالي صيانة الأمن القومي الليبي والدفع باتجاه تحقيق الاندماج المغاربي في ظل التحولات الجيو-سياسية الكبرى التي تمر منها المنطقة”.
وأوضح عطيف، في حديث لهسبريس، أن “المغرب ساهم بشكل كبير في إرساء القواعد الدستورية المؤطرة للعملية الانتخابية من خلال احتضانه لاجتماعات لجنة 6+6 المكلفة بإعداد القوانين الانتخابية في هذا البلد”، مشيرا إلى أن “المملكة المغربية وشركاءها الأوروبيين يراهنون بشكل كبير على تثبيت الاستقرار في هذه الدولة الشقيقة وإعادة بناء مؤسساتها الدستورية؛ ذلك أن غياب هذا الاستقرار يضعف من مردودية الشراكات الأوروبية المغاربية والإفريقية بشكل عام”.
ولفت الباحث ذاته إلى أن “الوضع في ليبيا يقع ضمن أولويات وأجندة السياسة الخارجية المغربية وكذا البلجيكية على أساس أن استمرار حالة التطاحن السياسي لا يخدم النظام الأمني الإقليمي المغاربي والإفريقي وفي جنوب المتوسط على وجه العموم”، مشيرا إلى أن “التداول بين الرباط وبروكسل في شأن الملف الليبي يأتي بالتزامن مع المواجهات المسلحة الأخيرة التي شهدتها طرابلس تنذر بزيادة حالة الانقسام والصدام ما بين أطراف اللعبة السياسية في هذا البلد”.
وشدد على أن “المملكة المغربية، ومعها مجموعة من الدول التي تؤمن بضرورة تبني الحل السياسي السلمي من أجل الخروج من المأزق السياسي الذي يعرفه هذا البلد المغاربي، تعي جيدا أهمية الدفع في اتجاه هذا الحل وتلافي التصعيد العسكري بين الفرقاء الليبيين مع الحفاظ على وحدة الدولة الليبية، خاصة أن حالة الهشاشة السياسية والأمنية التي تستفيد منها بعض التنظيمات المسلحة لتهديد مصالح الدول المغاربية وزعزعة الاستقرار الإقليمي
المصدر : هسبريس