أخبار
مرصد يقيّم حصيلة الحكومة.. إشادة بالمشاريع الاجتماعية ودعوة إلى تسريع الرقمنة
تفاعَل مرصد العمل الحكومي، التابع لـ”مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني”، مع النقاش الجاري في المغرب بشأن حصيلة الحكومة خلال منتصف الولاية التشريعية الممتدة إلى غاية سنة 2026، مُصدِراً تقريرا مفصلا عبارة عن رصد لحصيلة المنجَز، مع التذكير بسياقات الاشتغال الحكومي وبرنامجه قبل بسط أهم التوصيات.
وأكد التقرير، الذي طالعت جريدة هسبريس نسخته الكاملة، أن “حكومة عزيز أخنوش اشتغلت في ظل 4 سياقات أساسية أطّرت عملها ووَجَّهت مختلف تدخلاتها وإجراءاتها”، مبرزا أن عملها اتسم بسياق “أزمات اقتصادية مُركّبة ومتداخلة الأبعاد”.
وحسب معدّيه، انتهج التقرير “مقاربة مدنية بعيدة عن أيّ اصطفاف أو تموقع سياسي”، مُبعدين عنه “أي توجّه معارض للحكومة، بل يُصنّف في خانة المساهمة المدنية والموضوعية في إثراء النقاش العمومي والرفع من منسوب الوعي السياسي والديمقراطي لدى عموم الفئات المجتمعية، في إطار المتابعة والنقاش الجاد والمسؤول لمختلف القرارات والإجراءات الحكومية”.
وارتكز رصد منجزات الحكومة خلال نصف ولايتها من طرف مرصد العمل الحكومي على “ثلاثة مستويات أساسية ومتكاملة، تُبرز بشكل واضح العمل الحكومي خلال هذه الفترة، وتعطي نظرة شاملة على مختلف الأوراش والإجراءات والتدابير التي قامت بها في سبيل إنجاز وتنزيل الإصلاحات والأوراش الكبرى، والوفاء بالتزاماتها المتضمنة في برنامجها الحكومي”.
وبعد رصده مختلف التدابير والإجراءات الحكومية خلال نصف الولاية الحالية، بسَط المصدر ذاته مجموعة من الملاحظات على عمل وأداء الحكومة، أكد من خلالها ”تثمينه التزام الحكومة بتنزيل ورش الحماية الاجتماعية في شقّيْه المتعلقين بتعميم التأمين الإجباري عن المرض وتعميم التعويضات العائلية، في احترام للآجال الملكية الموضوعة لذلك”.
كما ثمّن المرصد “عمل الحكومة على إعادة تفعيل الحوار الاجتماعي بعد سنوات من التوقف ومأسسة آلياته وضبط مواقيت انعقاد دوراته ولجانه، وتوقيع اتفاق اجتماعي جديد في 30 أبريل 2022″؛ غير أنه استدرك بتسجيل ملاحظة “فشل الحكومة في البدء في تنفيذ الإصلاحات الكبرى المتوافق عليها في اتفاق 30 أبريل 2022، وخاصة تلك المتعلقة بملف التقاعد وقانون الإضراب، وكذا قانون النقابات، فضلا عن إصلاح مدونة الشغل”، وفقه.
وأشاد التقرير، ضمن ملاحظاته العديدة، بـ”سعي الحكومة إلى تحسين العرض الصحي والالتزام بتعميم بناء المستشفيات الجامعية في مختلف جهات المملكة، والزيادة في عدد المعاهد وكليات الطب والصيدلة، قصد الرفع من الموارد البشرية في القطاع”.
وتوقفت الوثيقة مطولا عند “إصلاح منظومة التعليم”، مبرزة “عمل الحكومة على إخراج خارطة الطريق لإصلاح التعليم 2022-2026 كإطار مرجعي للإصلاح ترتكز على 12 التزاما”، ومذكرة بـ”ثلاثة التزامات تتعلق بالأستاذ وتهم تطوير التكوين المستمر وتحسين ظروف مزاولة المهنة، واعتماد نظام أساسي جديد للموظفين؛ مع أربع التزامات تتعلق بالمؤسسة التعليمية، وتهم تحسين استقبال التلاميذ وقيادة المؤسسة، وتوفير بيئة مدرسية محفزة على التعلم والتفتح، وتعزيز الأنشطة الموازية والرياضية”.
في الشق الاقتصادي-الاجتماعي، حازت “الإجراءات الحكومية المتخذة لمواجهة آثار التضخم، عبر إيقاف استيفاء الضرائب على عدد من المواد الاستهلاكية والفلاحية التي لها علاقة مباشرة بالاستهلاك اليومي للمغاربة”، إشادة واضحة من طرف مرصد العمل الحكومي.
في السياق ذاته لفت المرصد إلى “الإجراءات الحكومية لدعم مجموعة من القطاعات المتضررة من الأزمة الاقتصادية، خاصة القطاع السياحي”، مبرزاً بالأرقام “مساهمتها الواضحة في استقرار القطاع والحفاظ على مناصب الشغل المحدثة وتجاوز الأزمة، ما مَكّن من تجاوز الأزمة وتحقيق نمو قوي بلغ أزيد من 14,5 مليون سائح سنة 2023 ومداخيل قياسية بلغت 104 مليارات درهم”.
السكن والماء
وحسب الهيئة ذاتها فإن “المقاربة الجديدة المعتمدة من طرف الحكومة في دعم السكن، من خلال التوجه نحو دعم الطلب بدل العرض، تبقى إيجابية، ما يضمَن نجاعة الدعم ووصوله للفئات المستحقة، مع الإشادة بتوسيعه ليشمل الطبقة المتوسطة؛ وتسجيل ضعف الغلاف المالي المخصَّص والمقدر بقيمة إجمالية تصل إلى 9,5 مليارات درهم، وهو ما لا يتماشى ومستوى العجز المسجل في السكن بالمغرب، الذي يفوق مليون شقة”.
وفي موضوع الماء، حمَل تقرير المرصد بصريح العبارة “تثميناَ لتفاعل السريع للحكومة مع تنفيذ التوجيهات الملكية بخصوص تسريع إنجاز المشاريع الإستراتيجية”، المتضمَّنة في المخطط الوطني للتزود بالماء 2020 –2027، مذكراً بـ”الرفع من الغلاف المالي المخصص لها من 115 إلى 143 مليار درهم، وهو ما سيساهم بقوة في التخفيف من حالة الإجهاد المائي التي يعاني منها المغرب”.
المؤشرات الماكرو-اقتصادية
بإيجابية سجل المرصد “تحكّم الحكومة في المؤشرات الماكرو اقتصادية”، و”التمكن من تقليص نسبة العجز من 5,5 في سنة 2021 إلى أقل من 4 %سنة 2023، وتقليص نسبة حجز الميزان التجاري بأكثر من 5%”، وأضاف أن “المجهود الحكومي في ما يتعلق بالرفع من ميزانية الاستثمار بشكل سنوي إلى 335 مليار درهم سنة 2024 كمستوى غير مسبوق في تاريخ المغرب إيجابيٌ”، مؤكدا أنه “سيساهم في الرفع من نسَق إنجاز الأوراش والإصلاحات الكبرى وتدعيم الاقتصاد الوطني وتحفيز أداء النسيج المقاولاتي الوطني”.
أبرز التوصيات
أوصى المرصد بـ”تسريع الإصلاحات المتعلقة بالانتقال الرقمي، بما يعزز شفافية المرفق العام ويضمن سهولة وسلاسة الولوج إلى الخدمات العمومية من طرف المواطنين”؛ كما دعا إلى “تبني حوار وطني عاجل حول أزمة التقاعد وإيجاد الحلول العادلة لتسريع إنجاز الإصلاحات في ظل الوضعية المأزومة لصناديق التقاعد، بما يضمن مكتسبات العاملين ويمكن من حل هذا الملف”.
وشملت الدعوة “عقد مناظرات للتشغيل يشارك فيها كافة الشركاء المعنيين بالملف، ويتم من خلالها تقييم السياسة الحالية للتشغيل ووضع تصورات جديدة أكثر ملاءمة ومسايرة للواقع المتغير لسوق الشغل وللاقتصاد الوطني وتوجهاته الجديدة في ظل النموذج التنموي الجديد”.
المصدر : هسبريس