أخبارسياسة وعلاقات دوليةمحليات
“اتحاد مغاربي من 3 دول” .. مناورة جزائرية تستهدف تقسيم بلدان المنطقة
على بعد أشهر قليلة من التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الجزائرية، وعبر فيها عما أسماه “استعداد بلاده لمواصلة البناء المغاربي عبر الإسراع في إيجاد حل للخلاف مع المغرب يحقق التآخي ومواصلة تحقيق الحلم المغاربي”، استغل الرئيس الجزائري قمة الدول المصدرة للغاز التي احتضنتها بلاده لعقد مشاورات مع الرئيس التونسي ورئيس المجلس الرئاسي في ليبيا، حيث اتفقوا على عقد لقاءات مغاربية كل ثلاثة أشهر، ستحتضن تونس أولها بعد شهر رمضان القادم؛ فيما غاب كل من المغرب وموريتانيا.
وفي وقت اعتبر محللون أن هذه الخطوة الجزائرية تروم محاصرة المغرب في عمقه المغاربي فإن سياسيين ومسؤولين سابقين أكدوا أن مناقشة أوضاع المنطقة ووضع التصورات المرتبطة بمستقبلها، إن على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو حتى الأمني، لا يمكن أن يكون إلا في إطار الاتحاد المغاربي وبحضور دوله الخمس، منددين في الوقت ذاته بـ”استبعاد” المغرب وكذا موريتانيا من هذه المشاورات، ومحاولات الجزائر تقسيم المنطقة وإفشال “الحلم المغاربي”، وتوريط جيرانها في لعبتها السياسية المكشوفة.
في هذا الصدد قال أحمد أونيس، وزير الخارجية التونسي الأسبق، إن “استبعاد عضو مؤسس لاتحاد المغرب الكبير وهو المغرب يعد من مقاصد السياسة والمنطق الجزائريين، إذ تحاول الجزائر خلق اتحاد مغاربي بديل ينكر حق الرباط في وحدة أراضيها”، مشيرا إلى أن “النقاش وتبادل الأفكار بين مختلف الدول المغاربية حول سبل مستقبل المنطقة وإعادة إحياء وتفعيل الاتحاد أمر محمود، لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب استبعاد المملكة المغربية التي تؤلف القاعدة المغاربية”.
وأضاف أونيس، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الاتحاد المغاربي يستمد شرعيته من الدول الخمس المعنية به”، مُبديا أسفه لقرار الدول المعنية المجتمعة عقد مشاورات ولقاءات دورية دون المغرب وموريتانيا، ومشددا في الوقت ذاته على أن “هذا الأمر يندرج في إطار مخطط جزائري واسع لتقسيم القلعة المغاربية ضدا على رغبة شعوب المنطقة التي يجمعها التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك، والتواقة إلى تفعيل التكتل المغاربي”.
وشدد وزير الخارجية التونسي الأسبق على أن “الدول المغاربية مطالبة بالنأي بنفسها عن هذه المحاولات الجزائرية لاستبعاد المغرب، والدفع باتجاه توحيد الصف المغاربي وليس العكس”، معتبرا أن “اتحاد المغرب العربي تكتل واقعي وقانوني وتاريخي يكتسب شرعيته ووجوده وديمومته من الدول الخمس الأعضاء دون استثناء، وبالتالي لا يجوز لهذه الدول أن تنخرط في هذه اللعبة الجزائرية الخطيرة التي تحاول إجهاض الحلم المغاربي عبر هكذا محاولات”.
تفاعلا مع الموضوع ذاته أورد أحمد ولد عبيد، نائب رئيس حزب “الصواب” الموريتاني، أن “استثناء أي بلد مغاربي من المشاورات أو اللقاءات المتعلقة بالدفع قدما في اتجاه تسوية الخلافات القائمة بين الدول المعنية، أو التباحث حول الوضع في المنطقة، سيكون معه الاتحاد المغاربي تكتلا أعرج ومفتقدا لأحد أعمدته الأساسية”، موضحا أن “أي لقاءات من هذا النوع وفي ظل استبعاد إحدى الدول لا يمكن اعتبارها أكثر من مشاورات عادية متعددة الأطراف، ولا علاقة لها بالاتحاد المغاربي الذي يفترض التباحث حول مستقبله حضور كل الدول الأعضاء”.
ولفت ولد عبيد، في حديثه مع جريدة هسبريس الإلكترونية، إلى “الرباط وكذا نواكشوط لا يمكن أن يوجد الاتحاد المغاربي أو أن يستمر دونهما، ولا يمكن بأي حال من الأحول تجاوزهما وإنكار دورهما في أي مشروع مستقبلي لإعادة بناء الصرح المغاربي”، مشددا على استحالة إقامة أي تكتل على مستوى دول المنطقة باستبعاد أي دولة، ومعتبرا أن “إقصاء الرباط يحكم على هذا الاتحاد بالفشل”.
وخلص نائب رئيس حزب “الصواب” الموريتاني إلى أن “ما تريده الشعوب المغاربية اليوم هو بناء حوار هادف وبناء يفضي إلى بعث اتحاد المغرب العربي باعتباره ضرورة إستراتيجية وحيوية لضمان أمنها القومي والغذائي والاقتصادي في إطار مشترك، خاصة أن التحولات والتحديات الجيو-سياسية والاقتصادية الكبرى التي يشهدها العالم تفرض الاحتكام إلى منطق التكتلات لمواجهتها”.
المصدر : هسبريس